فهم بمنزلة سائر الخلق. وقيل: معناه بل له ما في السماوات والأرض فعلا، والفعل لا يكون من جنس الفاعل، والولد لا يكون إلا من جنس أبيه، فإن من تبنى إنسانا، فالذي تبناه لا بد من أن يكون من جنسه.
وقوله: (كل له قانتون) قال ابن عباس، ومجاهد: معناه مطيعون. وقال السدي: كل له مطيع يوم القيامة وقال الحسن: كل له قائم بالشهادة أنه عبده. وقال الجبائي: كل دائم على حال واحدة بالشهادة بما فيه من آثار الصنعة، والدلالة على الربوبية. وقال أبو مسلم: كل في ملكه وقهره، يتصرف فيه كيف يشاء، لا يمتنع عليه.
(بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (117)).
القراءة: قرأ ابن عامر: (فيكون) بالنصب. والباقون بالرفع.
الاعراب والحجة: قال أبو علي: يمتنع النصب في قوله (فيكون) لأن قوله (كن) وإن على لفظ الأمر، فليس بأمر، ولكن المراد به الخبر، لأن المنفي الذي ليس بكائن، لا يؤمر، ولا يخاطب، فالتقدير: نكون (1) فيكون.
فاللفظ لفظ الأمر، والمراد الخبر، كقولهم في التعجب: أكرم بزيد، فإذا لم يكن قوله كن أمرا في المعنى، وإن كان على لفظه، لم يجز أن ينصب الفعل بعد الفاء، بأنه جواب، كما لم يجز النصب في الفعل الذي يدخله الفاء بعد الإيجاب، نحو: آتيك فأحدثك، إلا أن يكون في شعر نحو قوله:
لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها، * ويأوي إليها المستجير فيعصما (2) ويدل أيضا على امتناع النصب فيه أن الجواب بالفاء مضارع الجزاء، فلا يجوز إذهب فيذهب، على قياس قراءة ابن عامر كن فيكون، لأن المعنى يصير إن ذهبت ذهبت، وهذا الكلام لا يفيد، وإنما يفيد إذا اختلف الفاعلان والفعلان، نحو: قم فأعطيك، لأن المعنى إن قمت أعطيتك، وإذا كان الأمر على هذا لم يكن ما روي عنه من نصبه فيكون متجها. ويمكن أن يقال فيه: إن اللفظ لما كان على لفظ الأمر، حمله على اللفظ، كما حمل أبو الحسن في نحو قوله: (قل لعبادي الذين آمنوا