المعنى: قيل في معنى اهدنا وجوه أحدها: إن معناه ثبتنا على الدين الحق، لأن الله تعالى قد هدى الخلق كلهم، إلا أن الانسان قد يزل، وترد عليه الخواطر الفاسدة، فيحسن أن يسأل الله تعالى أن يثبته على دينه، ويديمه عليه، ويعطيه زيادات الهدى التي هي إحدى أسباب الثبات على الدين، كما قال الله تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى) وهذا كما يقول القائل لغيره، وهو يأكل: كل أي: دم على الأكل وثانيها: إن الهداية هي الثواب لقوله تعالى:
(يهديهم ربهم بإيمانهم) فصار معناه اهدنا إلى طريق الجنة ثوابا لنا، ويؤيده قوله (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وثالثها: إن المراد دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر، كما دللتنا عليه في الماضي. ويجوز الدعاء بالشئ الذي يكون حاصلا كقوله تعالى: (قل رب احكم بالحق) وقوله حكاية عن إبراهيم عليه السلام:
(ولا تخزني يوم يبعثون) وذلك أن الدعاء عبادة، وفيه إظهار الانقطاع إلى الله تعالى.
فإن قيل: ما معنى المسألة في ذلك، وقد فعله الله؟ فجوابه: إنه يجوز أن يكون لنا في الدعاء به مصلحة في ديننا، وهذا كما تعبدنا بأن نكرر التسبيح، والتحميد، والإقرار لربنا عز اسمه بالتوحيد، وإن كنا معتقدين لجميع ذلك. ويجوز أن يكون الله تعالى يعلم أن أشياء كثيرة تكون أصلح لنا إذا سألناه، وإذا لم نسأله لا تكون مصلحة، فيكون ذلك وجها في حسن المسألة. ويجوز أن يكون المراد استمرار التكليف، والتعريض للثواب، لأن إدامته ليس بواجب، بل هو تفضل محض، فجاز أن يرغب إليه فيه بالدعاء. وقيل في معنى الصراط المستقيم وجوه:
أحدها: إنه كتاب الله، وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن علي عليه السلام، وابن مسعود وثانيها: إنه الاسلام، وهو المروي، عن جابر، وابن عباس وثالثها:
إنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره، عن محمد بن الحنفية والرابع: إنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة القائمون مقامه، وهو المروي في أخبارنا. والأولى حمل الآية على العموم حتى يدخل جميع ذلك فيه، لأن الصراط المستقيم هو الدين الذي أمر الله به، من التوحيد والعدل وولاية من أوجب الله طاعته.
(صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (7)).