(وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم (163)).
اللغة: واحد: شئ لا ينقسم عددا كان أو غيره، ويجري على وجهين:
على الحكم، وعلى جهة الوصف. فالحكم: كقولك جزء واحد، فإنه لا ينقسم من جهة أنه جزء. والوصف كقولك: انسان واحد، ودار واحدة، فإنه لا ينقسم من جهة أنه انسان.
الاعراب: (هو) من قوله (لا إله إلا هو): في موضع رفع على البدل من موضع لا مع الاسم، كقولك: لا رجل إلا زيد، كأنك قلت: ليس إلا زيد، كما تريد من المعنى، إذ لم تعتد بغيره. ولا يجوز النصب على قولك ما قام أحد إلا زيد، لأن البدل يدل على أن الاعتماد على الثاني، والمعنى ذلك. والنصب يدل على أن الاعتماد في الاخبار إنما هو على الأول، والعبارة الواضحة أن هو، بدل من محل إله قبل التركيب.
وقوله: (لا إله إلا هو) هو إثبات الله سبحانه، وهو بمنزلة قولك الله الاله وحده، وإنما كان كذلك، لأنه القادر على ما يستحق به العبادة، ولا لم يدل على النفي في هذا الخبر، من قبل أنه لم يدل على إله موجود، ولا معدوم سوى الله، لكنه نقيض لقوله من ادعى إلها مع الله، وإنما النفي إخبار بعدم شئ كما أن الاثبات إخبار بوجوده.
النزول: ابن عباس قال: إن كفار قريش قالوا: يا محمد! صف لنا وأنسب لنا ربك. فأنزل الله هذه الآية، وسورة الإخلاص.
المعنى: (وإلهكم) أي: خالقكم، والمنعم عليكم بالنعم التي لا يقدر عليها غيره، والذي تحق له العبادة. وقال علي بن عيسى: معنى إله هو المستحق للعبادة. وهذا غلط، لأنه لو كان كذلك، لما كان القديم سبحانه إلها، فيما لم يزل، لأنه لم يفعل في الأزل ما يستحق به العبادة. ومعنى قولنا: إنه تحق له العبادة أنه قادر على ما إذا فعله استحق به العبادة. وقوله:
(إله واحد): وصفه سبحانه بأنه واحد على أربعة أوجه أحدها: إنه ليس بذي أبعاض، ولا يجوز عليه الانقسام، ولا يحتمل التجزئة والثاني: إنه واحد لا نظير له، ولا شبيه له والثالث: إنه واحد في الإلهية واستحقاق العبادة والرابع: