القصة: روي عن ابن عباس قال: كان السامري رجلا من أهل باجرمى. قيل: كان إسمنسيا. وقال ابن عباس: اسمه موسى بن ظفر. وكان من قوم يعبدون البقر، وكان حب عبادة البقر في نفسه، وقد كان أظهر الاسلام في بني إسرائيل. فلما قصد موسى إلى ربه، وخلف هارون في بني إسرائيل، قال هارون لقومه: قد حملتم أوزارا من زينة القوم، يعني آل فرعون، فتطهروا منها، فإنها نجس، يعني أنهم استعاروا من القبط حليا، واستبدوا بها. فقال هارون: طهروا أنفسكم منها فإنها نجسة، وأوقد لهم نارا، فقال: اقذفوا ما كان معكم فيها. فجعلوا يأتون بما كان معهم من تلك الأمتعة والحلي، فيقذفون به فيها. قال: وكان السامري رأى أثر فرس جبرائيل عليه السلام، فأخذ ترابا من أثر حافره، ثم أقبل إلى النار فقال لهارون: يا نبي الله! أألقي ما في يدي؟
قال: نعم، وهو لا يدري ما في يده، ويظن أنه مما يجئ به غيره من الحلي والأمتعة. فقذف فيها وقال: كن عجلا جسدا له خوار. فكان البلاء والفتنة، فقال:
هذا إلهكم وإله موسى.
فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط. قال ابن عباس: فكان البلاء والفتنة، ولم يزد على هذا. وقال الحسن: صار العجل لحما ودما. وقال غيره: لا يجوز ذلك لأنه من معجزات الأنبياء. ومن وافق الحسن قال: إن القبضة من أثر الملك كان الله قد أجرى العادة بأنها إذا طرحت على أي صورة كانت حييت، فليس ذلك بمعجزة، إذ سبيل السامري فيه سبيل غيره. ومن لم يجز انقلابه حيا، تأول الخوار على أن السامري صاغ عجلا، وجعل فيه خروقا يدخلها الريح، فيخرج منها صوت كالخوار، ودعاهم إلى عبادته فأجابوه وعبدوه، عن أبي علي الجبائي.
ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52)).
اللغة: العفو، والصفح، والتجاوز نظائر. قال ابن الأنباري: (عفا الله عنك) معناه: محا الله عنك، مأخوذ من قولهم: عفت الريح الأثر: إذا درسته ومحته. فعفو الله: محوه الذنوب عن العبد. وقال الرماني: أصل العفو الترك، ومنه قوله: (فمن عفي له من أخيه شئ) أي: ترك. فالعفو: ترك العقوبة. والعفو: أحل المال وأطيبه. والعفو: المعروف. والعفاة والمعتفون: طلاب المعروف. والعافية من الطير والدواب: طلاب الرزق.