الإيمان، وإزاحة علتكم فيه، حتى فعلتم الإيمان، لكنتم من الخاسرين.
وإنما جعل الإيمان فضلا وتوبته التي بها نجوا، ولم يكونوا بها خاسرين، فضلا منه، من حيث كان هو الداعي إليه والمقدر عليه، والمرغب فيه. ويحتمل أن يكون المعنى: فلولا فضل الله عليكم بإمهاله إياكم بعد توليكم عن طاعته، حتى تاب عليكم برجوع بعضكم عن ذلك، وتوبته، لكنتم من الخاسرين.
ويحتمل أن يريد: فلولا فضلي عليكم في رفع الجبل فوقكم للتوفيق واللطف الذي تبتم عنده حتى زال العذاب عنكم، وسقوط الجبل، لكنتم من الخاسرين.
(ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65)).
اللغة: علمتم أي: عرفتم. هنا تقول علمت أخاك ولم أكن أعلمه أي:
عرفته، ولم أكن أعرفه، كقوله تعالى: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) أي: لا تعرفونهم، الله يعرفهم و (الذين اعتدوا): في موضع نصب، لأنه مفعول به. والفرق بينه وبين ما يتعدى إلى مفعولين أن المعرفة تنصرف إلى ذات المسمى، والعلم ينصرف إلى أحواله. فإذا قلت، علمت زيدا، فالمراد عرفت شخصه وإذا قلت: علمت زيدا كريما أو لئيما، فالعلم يتعلق بأحواله من فضل ونقص. واعتدوا أي: ظلموا وجاوزوا ما حد لهم.
والسبت: من أيام الأسبوع. قال الزجاج: السبت قطعة من الدهر، فسمي بذلك اليوم وقال أبو عبيدة: سمي بذلك لأنه يوم سبت فيه خلق كل شئ أي:
قطع وفرغ. قوله: (منكم) في موضع نصب حالا من (الذين اعتدوا) أي:
المعتدين كائنين منكم. قوله: (في السبت) متعلق ب (اعتدوا) وأصل السبت مصدر، يقال: يسبت سبتا: إذا قطع، ثم سمي اليوم سبتا. وقد يقال: يوم السبت، فيخرج مصدرا على أصله. وقد قالوا: اليوم السبت، فجعلوا اليوم خبرا عن السبت، كما يقال: اليوم القتال.
فعلى ما ذكرنا يكون في الكلام حذف تقديره: في يوم السبت. وقال قوم:
إنما سمي بذلك، لأن اليهود يسبتون فيه أي: يقطعون فيه الأعمال. وقال آخرون: