تلزم الصلة. قال علي بن عيسى: والوجه عندي أن يكون صفة بمنزلة الصلة في اللزوم، وقد ذكرنا الوجه في لزومها أيضا عند قوله سبحانه: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم). وقال أبو علي: لا يجوز أن يكون أي في النداء موصولة، لأنها لو كانت موصولة لوصلت بكل واحدة من الجمل الأربع. ولم يقتصر بها على ضرب واحد منها، لأن ذلك لم يفعل بشئ من الأسماء الموصولة في موضع، ولجاز أيضا أن يقال: يا أيها رجل، لأن المبتدأ لا يجوز أن يكون مقصورا على المعرفة بالألف واللام، ولا يغير عنه. وفي امتناع جميع النحويين من إجازة ذلك، ما يدل على فساد هذا القول. وأيضا فلو كانت موصولة، للزم جواز إظهار المبتدأ المحذوف من الصلة، وكان يجوز: يا أيها هو الرجل، ويا أيتها هي المرأة، لا خلاف في أنه لا يجوز ذلك.
المعنى: قد مضى تفسير قوله (استعينوا بالصبر والصلاة) فيما مضى يخاطب المؤمنين فيقول: (استعينوا بالصبر) أي: بحبس النفس عما تشتهيه من المقبحات، وحملها على ما تنفر منه من الطاعات، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: (الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر عما تحب ". وبالصلاة لما فيها من الذكر والخشوع لله، وتلاوة القرآن الذي يتضمن ذكر الوعد والوعيد والهدى والبيان وما هذه صفته، يدعو إلى الحسنات، ويزجر عن السيئات.
واختلف في أن الاستعانة بهما على ماذا فقيل: على جميع الطاعات، فكأنه قال: استعينوا بهذا الضرب من الطاعة على غيره من الطاعات. وقيل: على الجهاد في سبيل الله. وقوله: (إن الله مع الصابرين) فيه وجهان أحدهما: إن معناه أنه معهم بالمعونة والنصرة، كما يقال السلطان معك، فلا تبال من لقيت والآخر: إن المراد هو معهم بالتوفيق والتسديد. أي: يسهل عليهم أداء العبادات، والاجتناب من المقبحات، ونظيره قوله سبحانه (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى). ولا يجوز أن يكون مع هنا بمعنى الاجتماع في المكان لأن ذلك من صفات الأجسام، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وفي الآية دلالة على أن في الصلاة لطفا للعبد، لأنه سبحانه أمرنا بالاستعانة بها، ويؤيده قوله سبحانه (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا