على لسان رسوله، بما أمرهم به من طاعته، ونهاهم عنه من معصيته، ونقضهم لذلك: تركهم العمل به وثالثها: إن المراد به كفار أهل الكتاب، وعهد الله الذي نقضوه. (من بعد ميثاقه) هو ما أخذه عليهم في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتصديق بما جاء به من عند ربه، ونقضهم لذلك: هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته، وكتمانهم ذلك عن الناس، بعد أن أخذ الله ميثاقهم ليبيننه للناس، ولا يكتمونه، وأنهم إن جاءهم نذير آمنوا به. فلما جاءهم النذير ازدادوا نفورا، ونبذوا العهد وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا. واختار هذا الوجه الطبري ورابعها: إنه العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم، كما وردت به القصة. وهذا الوجه ضعيف لأنه لا يجوز أن يحتج على عباده بعهد لا يذكرونه، ولا يعرفونه، ولا يكون عليه دليل. وقوله تعالى (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) معناه: أمروا بصلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين، فقطعوهم، عن الحسن. وقيل: أمروا بصلة الرحم والقرابة فقطعوها، عن قتادة. وقيل: أمروا بالإيمان بجميع الأنبياء والكتب، ففرقوا وقطعوا ذلك. وقيل: أمروا بأن يصلوا القول بالعمل، ففرقوا بينهما، بأن قالوا ولم يعملوا. وقيل: معناه الأمر بوصل كل من أمر الله بصلته من أوليائه، والقطع والبراءة من أعدائه. وهذا أقوى لأنه أعم، ويدخل فيه الجميع.
وقوله (ويفسدون في الأرض) قال قوم: استدعاؤهم إلى الكفر هو الفساد في الأرض. وقيل: إخافتهم السبيل، وقطعهم الطريق. وقيل: نقضهم العهد. وقيل:
أراد كل معصية تعدى ضررها إلى غير فاعلها، والأولى حمله على العموم. (أولئك هم الخاسرون) أي: أهلكوا أنفسهم فهم بمنزلة من هلك رأس ماله. وروي عن ابن عباس أن كل ما نسبه الله تعالى من الخسار إلى غير المسلمين، فإنما عنى به الكفر، وما نسبه إلى المسلمين، فإنما عنى به الدنيا.
(كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (28)).
القراءة: قرأ يعقوب: ترجعون، بفتح التاء، على أن الفعل لهم.
والباقون: بضم التاء وفتح الجيم، على ما لم يسم فاعله.
الاعراب: كيف: في الأصل سؤال عن الحال، ويتضح ذلك في الجواب