فأحييت من ذكري، وما كان خاملا، * ولكن بعض الذكر أنبه من بعض ورابعها: إن معناه: كنتم نطفا في أصلاب آبائكم، وبطون أمهاتكم، والنطفة موات، فأخرجكم إلى دار الدنيا أحياء " ثم يميتكم ثم يحييكم " في القبر للمسألة " ثم إليه ترجعون " أي: يبعثكم يوم الحشر للحساب والمجازاة على الأعمال.
وسمى الحشر رجوعا إلى الله تعالى، لأنه رجوع إلى حيث لا يكون أحد يتولى الحكم فيه غير الله، كما يقال رجع أمر القوم إلى الأمير، ولا يراد به الرجوع من مكان إلى مكان، وإنما يراد به أن النظر صار له خاصة دون غيره. وإنما بدأ الله تعالى بذكر الحياة من بين سائر النعم التي أنعم بها على العبد، لأن أول نعمة أنعم الله بها عليه، خلقه إياه حيا، لينفعه، وبالحياة يتمكن الانسان من الانتفاع والالتذاذ. وإنما عد الموت من النعم، وهو يقطع النعم في الظاهر، لأن الموت يقطع التكليف، فيصل المكلف بعده إلى الثواب الدائم، فهو من هذا الوجه نعمة. وقيل: إنما ذكر الموت لتمام الإحتجاج، لا لكونه نعمة.
وفي هذه الآية دلالة على أنه تعالى لم يرد من عباده الكفر، ولا خلقه فيهم، لأنه لو أراده منهم، أو خلقه فيهم، لم يجز أن يضيفه إليهم بقوله (كيف تكفرون بالله) كما لا يجوز أن يقول لهم كيف، أو لم كنتم طوالا، أو قصارا، وما أشبه ذلك مما هو من فعله تعالى فيهم.
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم (29)).
اللغة: أصل الخلق التقدير والجمع الضم، ونقيضه الفرق. وسميت الجمعة جمعة لاجتماع الناس. والاستواء: الاعتدال والاستقامة، ونقيضه الإعوجاج. والسبع للمؤنث، والسبعة للمذكر. والسبع مشتق من ذلك، لأنه مضاعف القوى كأنه ضوعف سبع مرات. والعليم في معنى العالم. قال سيبويه: إذا أرادوا المبالغة عدوا إلى فعيل، نحو: عليم، ورحيم.
المعنى: قال المفسرون: لما استعظم المشركون أمر الإعادة، عرفهم الله تعالى خلق السماوات والأرض، ليدلهم بذلك على قدرته على الإعادة، فقال (هو الذي خلق لكم) أي: لأجلكم (ما في الأرض جميعا) ما في