المعنى: (فاذكروني أذكركم) قيل: معناه اذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي، عن سعيد بن جبير، بيانه قوله سبحانه: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) وقيل: اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي، عن ابن عباس، وبيانه قوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وقيل: اذكروني بالشكر أذكركم بالزيادة، عن ابن كيسان بيانه: (لئن شكرتم لأزيدنكم). وقيل:
اذكروني على ظهر الأرض، أذكركم في بطنها. وقد جاء في الدعاء:
" اذكروني عند البلاء إذا نسيني الناسون من الورى ". وقيل: اذكروني في الدنيا، أذكركم في العقبى. وقيل: اذكروني في النعمة والرخاء، أذكركم في الشدة والبلاء. وبيانه قوله سبحانه: (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وفي الخبر: " تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة ". وقيل: اذكروني بالدعاء، أذكركم بالإجابة، بيانه قوله: (ادعوني أستجب لكم).
وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الملك ينزل الصحيفة من أول النهار وأول الليل، يكتب فيها عمل ابن آدم فأملوا (1) في أولها خيرا وفي آخرها خيرا، فإن الله يغفر لكم ما بين ذلك إن شاء الله، فإن الله يقول:
اذكروني أذكركم " وقال الربيع في هذه الآية: إن الله عز وجل ذاكر من ذكره، وزائد من شكره، ومعذب من كفره. وقوله: (واشكروا لي) أي: اشكروا نعمتي وأظهروها واعترفوا بها. (ولا تكفرون) ولا تستروا نعمتي بالجحود يعني بالنعمة قوله: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم) الآية.
(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (153)).
الاعراب: (الذين آمنوا) موضعه رفع بأنه صفة لأي، كما أن الناس كذلك في قوله (يا أيها الناس) وقد ذكرناه فيما مضى، وهو قول جميع النحويين إلا الأخفش، فإنه لا يجعله صفة لأي، ويرفعه بأنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: يا من هم الذين آمنوا، إلا أنه لا يظهر المحذوف مع أي، وإنما حمله على ذلك لزوم البيان لأي، فقال: الصفة لا تلزم، وإنما