فيه، حتى نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) وقلده سيفا. وقوله: (إن الله على كل شئ قدير) فيه ثلاثة أقال: أحدها: إنه قدير على عقابهم، إذ هو على كل شئ قدير، عن أبي علي وثانيها: إنه قدير على أن يدعو إلى دينه بما أحب، مما هو الأليق بالحكمة، فيأمر بالصفح تارة، وبالعقاب أخرى، على حسب المصلحة، عن الزجاج وثالثها: إنه لما أمر بالامهال والتأخير في قوله (فاعفوا واصفحوا) قال: إن الله قادر على عقوبتهم، بأن يأمركم بقتالهم، ويعاقبهم في الآخرة بنفسه.
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير (110)).
الاعراب: (ما): اسم للشرط في موضع رفع بالابتداء. و (تقدموا):
شرط. (من خير): من مزيدة، والجار والمجرور مفعول (تقدموا).
و (تجدوه): مجزوم لأنه جزاء، وعلامة الجزم في الشرط والجزاء سقوط النون، ومعنى حرف الشرط الذي تضمنه (ما) مع الشرط والجزاء في محل الرفع، لأنه خبر المبتدأ. وما في قوله (بما تعملون) اسم موصول، أو حرف موصول. والموصول والصلة في موضع جر بالباء، والباء متعلق ب (بصير) الذي هو خبر (إن).
المعنى: لما أمر الله سبحانه المؤمنين بالصفح عن الكفار، والتجاوز، علم أنه يشق عليهم ذلك، مع شدة عداوة اليهود وغيرهم لهم، فأمرهم بالاستعانة على ذلك بالصلاة والزكاة، فإن في ذلك معونة لهم على الصبر، مع ما يحوزون بهما من الثواب والأجر، كما قال في موضع آخر: (واستعينوا بالصبر والصلاة). وقوله: (وما تقدموا لأنفسكم من خير) أي: من طاعة، وإحسان، وعمل صالح (تجدوه عند الله) أي: تجدوا ثوابه معدا لكم عند الله. وقيل: معناه تجدوه مكتوبا محفوظا عند الله ليجازيكم به.
وفي هذه الآية دلالة على أن ثواب الخيرات والطاعات لا يضيع، ولا يبطل، ولا يحبط، لأنه إذا أحبط لا تجدونه. وقوله (إن الله بما تعملون بصير) أي: لا يخفى عليه شئ من أعمالكم، سيجازيكم على الإحسان بما تستحقونه من الثواب،