وقيل: أراد أنه خالقهما وصانعهما. وقيل: معناه يتولى إشراق الشمس من مشرقها، واغرابها من مغربها. (فأينما تولوا فثم وجه الله) معناه: فأينما تولوا وجوهكم، فحذف المفعول للعلم به، فثم أي: فهناك وجه الله أي: قبلة الله، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة. والوجه، والجهة، والوجهة: القبلة.
ومثله الوزن والزنة. والعرب تسمي القصد الذي تتوجه إليه وجها، قال الشاعر:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه، * رب العباد إليه الوجه، والعمل معناه: إليه القصد بالعبادة. وقيل: معناه فثم الله يعلم ويرى فادعوه كيف توجهتم، كقوله تعالى: (يريدون وجهه) أي: يريدونه بالدعاء. ويقال لما قرب من المكان هنا، ولما تراخى ثم وهناك. وقوله: (كل شئ هالك إلا وجهه) أي: إلا هو (ويبقى وجه ربك) أي: ويبقى ربك، عن الكلبي. وقيل: معناه ثم رضوان الله، يعني الوجه الذي يؤدي إلى رضوانه، كما يقال: هذا وجه الصواب، عن أبي علي، والرماني.
(إن الله واسع) أي: غني، عن أبي عبيدة. وتقديره: غني عن طاعتكم، وإنما يريدها لمنافعكم. وقيل: واسع الرحمة، فلذلك رخص في الشريعة، عن الزجاج. وقيل: واسع المقدور يفعل ما يشاء (عليم) أي: عالم بوجوه الحكمة، فبادروا إلى ما أمركم به. وقيل: عليم أين يضع رحمته على ما توجبه الحكمة.
وقيل: عليم بنياتكم حيثما صليتم، ودعوتم.
النظم: ووجه اتصال الآية بما قبلها أن التقدير لا يمنعكم تخريب من خرب المساجد عن أن تذكروه، حيث كنتم من أرضه، فلله المشرق والمغرب، والجهات كلها، عن علي بن عيسى. وقيل: لما تقدم ذكر الصلاة والمساجد، عقبه بذكر القبلة وبيانها.
(وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون (116)).
القراءة: قرأ ابن عامر: (قالوا) بغير واو. والباقون بالواو.