فنصب نصب المفعول به، ثم أضيف إليه على هذا الحد، كما قال الشاعر.
أنشده سيبويه:
ويوم شهدناه سليما وعامرا، * قليل سوى الطعن النهال نوافله فكأنه قال: هو ملك ذلك اليوم، ولا يؤتي أحدا الملك فيه كما آتاه في الدنيا، فلا ملك يومئذ غيره. ومن قرأ مالك يوم الدين: فإنه قد حذف المفعول به من الكلام للدلالة عليه، وتقديره: مالك يوم الدين الأحكام والقضاء، لا يملك ذلك، ولا يليه سواه أي لا يكون أحد واليا سواه إنما خص يوم الدين بذلك لتفرده تعالى بذلك في ذلك اليوم.، وجميع الخلق يضطرون إلى الاقرار والتسليم. وأما الدنيا فليست كذلك، فقد يحكم فيها ملوك ورؤساء، وليست هذه الإضافة مثل قوله تعالى:
(وعنده علم الساعة)، لأن الساعة مفعول بها على الحقيقة، وليست مفعولا بها على السعة، لأن الظرف إذا جعل مفعولا على السعة فمعناه معنى الظرف، ولو كانت الساعة ظرفا لكان المعنى يعلم في الساعة، وذلك لا يجوز لأنه تعالى يعلم في كل وقت والمعنى أنه يعلم الساعة أي: يعرفها.
المعنى: إنه سبحانه لما بين ملكه في الدنيا بقوله رب العالمين، بين أيضا ملكه في الآخرة بقوله (مالك يوم الدين) وأراد باليوم الوقت. وقيل: أراد به امتداد الضياء إلى أن يفرغ من القضاء، ويستقر أهل كل دار فيها. وقال أبو علي الجبائي: أراد به يوم الجزاء على الدين. وقال محمد بن كعب: أراد يوم لا ينفع إلا الدين، وإنما خص يوم القيامة بذكر الملك فيه تعظيما لشأنه، وتفخيما لأمره، كما قال: رب العرش. وهذه الآية دالة على إثبات المعاد، وعلى الترغيب والترهيب، لأن المكلف إذا تصور ذلك لا بد أن يرجو، ويخاف.
(إياك نعبد وإياك نستعين (5)).
اللغة: العبادة في اللغة هي الذلة يقال: طريق معبد أي: مذلل بكثرة الوطء. قال طرفة:
تباري عتاقا ناجيات، وأتبعت * وظيفا وظيفا فوق مور معبد وبعير معبد: إذا كان مطليا بالقطران. وسمي العبد عبدا لذلته، وانقياده