والاحتواء على الجمع الكثير، واختاره أبو بكر محمد بن السري السراج، وقال: إن الملك الذي يملك الكثير من الأشياء، ويشارك غيره من الناس في ملكه بالحكم عليه، وكل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا، وإنما قال تعالى (مالك الملك) لأنه تعالى يملك ملوك الدنيا، وما ملكوا، فمعناه أنه يملك ملك الدنيا فيؤتي الملك فيها من يشاء. فأما يوم الدين فليس إلا ملكه، وهو ملك الملوك يملكهم كلهم. وقد يستعمل هذا في الناس يقال: فلان ملك الملوك، وأمير الأمراء، ويراد بذلك أن من دونه ملوكا وأمراء، ولا يقال ملك الملك، ولا أمير الإمارة، لأن أميرا وملكا صفة غير جارية على فعل، فلا معنى لإضافتها إلى المصدر. فأما إضافة ملك إلى الزمان، فكما يقال: ملك عام كذا، وملوك الدهر الأول، وملك زمانه، وسيد زمانه، فهو في المدح أبلغ. والآية إنما نزلت في الثناء والمدح لله، الا ترى إلى قوله (رب العالمين) والربوبية والملك متشابهان. وقال أبو علي الفارسي: يشهد لمن قرأ (مالك) من التنزيل قوله تعالى: (والأمر يومئذ لله) لأن قولك الأمر له، وهو مالك الأمر، بمعنى. ألا ترى أن لام الجر معناها الملك والاستحقاق، وكذلك قوله تعالى: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) يقوي ذلك، ويشهد لقراءة من قرأ (ملك) قوله تعالى (لمن الملك اليوم) لأن اسم الفاعل من الملك الملك، فإذا قال الملك له ذات اليوم، كان بمنزلة قوله هو ملك ذلك اليوم.
وهذا مع قوله (فتعالى الله الملك الحق)، و (الملك القدوس)، و (ملك الناس).
اللغة: (الملك): القادر الواسع المقدرة، الذي له السياسة والتدبير (والمالك): القادر على التصرف في ماله، وله أن يتصرف فيه على وجه ليس لأحد منعه منه، ويوصف العاجز بأنه مالك من جهة الحكم، يقال: ملك بين الملك بضم الميم، ومالك بين الملك. والملك بكسر الميم وفتحها، وضم الميم لغة شاذة. ويقال: طالت مملكتهم الناس، ومملكتهم بكسر اللام وفتحها. ولي في هذا الوادي ملك، وملك، وملك، ذكرها أبو علي الفارسي، وقال: الملك للشئ اختصاص من المالك به، وخروجه من أن يكون مباحا لغيره. ومعنى الإباحة في الشئ، كالاتساع فيه، وخلاف الحصر والقصر على الشئ، ألا تراهم قالوا: باح السر، وباحت الدار. وقال أبو بكر