بسم الله الرحمن الرحيم اتفق أصحابنا أنها آية من سورة الحمد، ومن كل سورة، وأن من تركها في الصلاة بطلت صلاته، سواء كانت الصلاة فرضا، أو نفلا، وأنه يجب الجهر بها فيما يجهر فيه بالقراءة. ويستحب الجهر بها فيما يخافت فيه بالقراءة، وفي جميع ما ذكرناه خلاف بين فقهاء الأمة، ولا خلاف في أنها بعض آية من سورة النمل، وكل من عدها آية جعل من قوله (صراط الذين) إلى آخر السورة آية. ومن لم يعدها آية، جعل صراط الذين أنعمت عليهم آية. وقال: إنها افتتاح للتيمن والتبرك. وأما القراء: فإن حمزة، وخلفا، ويعقوب، واليزيدي، تركوا الفصل بين السور بالتسمية. والباقون: يفصلون بينها بالتسمية إلا بين الأنفال والتوبة.
فضلها: روي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها. وروي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إذا قال المعلم للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة للصبي، وبراءة لأبويه، وبراءة للمعلم. وعن ابن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر، فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها تسعة عشر حرفا، ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم. وروي عن الصادق صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها، وهي بسم الله الرحمن الرحيم!.
اللغة: الاسم: مشتق من السمو، وهو الرفعة، أصله سمو بالواو، لأن جمعه أسماء مثل قنو وأقناء، وحنو وأحناء. وتصغيره سمي قال الراجز: " باسم الذي في كل سورة سمه " وسمه أيضا، ذكره أبو زيد، وغيره. وقيل: إنه مشتق من الوسم والسمة، والأول أصح لأن المحذوف الفاء نحو صلة ووصل، وعدة ووعد، لا تدخله همزة الوصل، ولأنه كان يجب أن يقال في تصغيره وسيم، كما يقال وعيدة ووصيلة في تصغير عدة وصلة، والأمر بخلافه (الله) اسم لا يطلق إلا عليه سبحانه وتعالى. وذكر سيبويه في أصله قولين أحدهما:
إنه إلاه على وزن فعال، فحذفت الفاء التي هي الهمزة، وجعلت الألف واللام عوضا لازما عنها، بدلالة استجازتهم قطع هذه الهمزة الداخلة على لام التعريف