أن القوة لله، وأن الله شديد العذاب على الاتصال بما حذف من الجواب.
وأما الوجه الأول في الكسر فعلى الاستئناف. والثاني: على الحكاية مما حذف من الجواب، كأنه قيل: لقالوا إن القوة لله. والثالث: على الاتصال بما حذف من الحال، كأنه قيل: يقولون إن القوة لله. فأما مع القراءة بالتاء فيجوز أيضا كسر إن من ثلاثة أوجه، وفتحها من ثلاثة أوجه:
فأما الفتح فأولها: أن يكون على البدل، كقولك ولو ترى الذين ظلموا أن القوة لله عليهم، عن الفراء. وقال أبو علي: وهذا لا يجوز، لأن قوله إن القوة ليس الذين ظلموا، ولا بعضهم، ولا مشتملا عليهم والثاني: أن يفتح على حذف اللام، كقولك لأن القوة والثالث: لرأيت أن القوة لله.
وأما الكسر مع التاء فكالكسر مع الياء، قال الفراء: والاختيار مع الياء الفتح ومع التاء الكسر، لأن الرؤية قد وقعت على الذين، وجواب لو محذوف، كأنه قيل لرأوا مضرة اتخاذهم الأنداد، ولرأوا أمرا عظيما لا يحصر بالأوهام. وحذف الجواب يدل على المبالغة كقولك لو رأيت السياط تأخذ فلانا، لأن المحذوف يحتمل كل أمر. ومن قرأ (ولو يرى) بالياء فالذين ظلموا في موضع رفع بأنهم الفاعلون. ومن قرأ بالتاء: فالذين ظلموا في موضع نصب.
وقوله (جميعا): نصب على الحال، كأنه قيل: إن القوة ثابتة لله في حال اجتماعها، وهو صفة مبالغة بمعنى إذا رأوا مقدورات الله فيما تقدم الوعيد به، علموا أن الله سبحانه قادر لا يعجزه شئ. وقوله (يحبونهم): في موضع نصب على الحال من الضمير في يتخذ، وإن كان الضمير في يتخذ على التوحيد، لأنه يعود إلى من. ويجوز أن يعود إليه الضمير على اللفظ مرة، وعلى المعنى أخرى. ويجوز أن يكون (يحبونهم) صفة لقوله أندادا.
قال أبو علي: لو قلت كيف جاء (إذ) في قوله (إذ يرون العذاب) وهذا أمر مستقبل؟ فالقول: إنه جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب وإن الساعة قريب) وعلى هذا قوله: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) ومن هذا الضرب ما جاء في التنزيل من قوله: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) (ولو ترى إذ وقفوا على النار)، (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم).