المعنى: (ومن الناس) من للتبعيض هاهنا أي: بعض الناس (من يتخذ من دون الله أندادا) يعني آلهتهم من الأوثان التي كانوا يعبدونها، عن قتادة ومجاهد وأكثر المفسرين. وقيل: رؤساؤهم الذين يطيعونهم طاعة الأرباب من الرجال، عن السدي. وعلى هذا المعنى ما روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: هم أئمة الظلمة وأشياعهم. وقوله: (يحبونهم كحب الله) على هذا القول الأخير أدل، لأنه يبعد أن يحبوا الأوثان كحب الله مع علمهم بأنها لا تنفع ولا تضر. ويدل أيضا عليه قوله (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) ومعنى يحبونهم: يحبون عبادتهم، أو التقرب إليهم، أو الانقياد لهم، أو جميع ذلك (كحب الله) فيه ثلاثة أقوال أحدها: كحبكم الله أي: كحب المؤمنين الله، عن ابن عباس، والحسن والثاني: كحبهم الله يعني الذين اتخذوا الأنداد، فيكون المعني به من يعرف الله من المشركين، ويعبد معه الأوثان، ويسوي بينهما في المحبة، عن أبي علي، وأبي مسلم. والثالث: كحب الله أي: كالحب الواجب عليهم، اللازم لهم، لا الواقع.
(والذين آمنوا أشد حبا لله) يعني حب المؤمنين فوق حب هؤلاء، وحبهم أشد من وجوه أحدها: إخلاصهم العبادة والتعظيم له، والثناء عليه من الاشراك. وثانيها:
إنهم يحبونه عن علم بأنه المنعم ابتداء، وأنه يفعل بهم في جميع أحوالهم ما هو الأصلح لهم في التدبير. وقد أنعم عليهم بالكثير، فيعبدونه عبادة الشاكرين، ويرجون رحمته على يقين، فلا بد أن يكون حبهم له أشد وثالثها: إنهم يعلمون أن له الصفات العلى، والأسماء الحسنى، وأنه الحكيم الخبير الذي لا مثيل له، ولا نظير، يملك النفع والضر، والثواب والعقاب، وإليه المرجع والمآب، فهم أشد حبا لله بذلك، ممن عبد الأوثان.
واختلف في معنى قوله (أشد حبا) فقيل: أثبت وأدوم، لأن المشرك ينتقل من صنم إلى صنم، عن ابن عباس. وقيل: لأن المؤمن يعبده بلا واسطة، والمشرك يعبده بواسطة، عن الحسن. وقوله (ولو يرى الذين ظلموا) تقديره: ولو يرى الظالمون أي: يبصرون. وقيل: لو يعلم هؤلاء الظالمون (إذ يرون العذاب).
والصحيح الأول كما تقدم بيانه. هذا على قراءة من قرأ بالياء. ومن قرأ بالتاء فمعناه ولو ترى يا محمد، عن الحسن. والخطاب له، والمراد غيره. وقيل: معناه لو ترى أيها السامع، أو أيها الانسان الظالمين، إذ يرون العذاب. وقوله (أن القوة لله) فيه