المضمر، وهو قد علموا إذا أجبته باللام فيمن جعله ابتداء، وبالنفي فيمن جعل من جزاء. ودخول القسم على القسم يبعد عند سيبويه، ولا يسوغ، فمن أجل هذا بعد عنده أن يكون (علموا) هنا بمنزلة القسم وأن يجاب بجوابه.
فقال سيبويه والخليل: لا يقوى أن تقول وحقك وحق زيد لأفعلن، والواو الثاني واو قسم لا يجوز إلا مستكرها، لأنه لا يجوز هذا في محلوف عليه، إلا أن يضم الآخر إلى الأول، ويحلف بهما على المحلوف عليه، ولهذا جعل هو والخليل الحرف في قوله (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى) للعطف دون القسم فلهذا حمل اللام في (لمن اشتراه) على أنها لام ابتداء دون قسم، وليست كاللام الأخرى في أنها تقتضي قسما لا محالة في نحو قولهم: لعمرك لأفعلن كذا، فلا يلزم على تأوله دخول قسم على قسم، ويبعد أيضا أن يكون القسم مضمرا بين قوله (ولقد علموا) وبين (لمن اشتراه) لأن علموا يقتضي مفعوليه، وإذا وقع قسم بينه وبين مفعوليه لم يجب، وكان لغوا، كما أنه في نحو قولك زيد والله منطلق، وإن تأتني والله أتيتك لغو لا جواب له، ولأنه لو أجيب للزم اعتماد علمت عليه، فصار القسم في موضع نصب لوقوعه موقع مفعولي علمت، وذلك يمتنع لأنك لو جعلته في موضع مفعوليه، لأخرجته عما وضع له، لأنه إذا وضع ليؤكد به غيره، فلو جعلته في موضع المفعولين لأخرجته عن أن يكون تأكيدا لغيره، ولجعلته قائما بنفسه، ولو جاز أن يكون في موضع مفعولي علمت لجاز أن يوصل به، ويوصف به النكرة، وهذا ممتنع.
فمعلوم إذا أن القسم بعد علمت، لا يلزم أن يكون له جواب، فإضمار القسم بعد علموا غير جائز، لأنه ليس يجوز إلا أن يكون له جواب يدل عليه إذا حذف، كما يدل ليفعلن ونحوه، من الجواب على القسم والمحذوف، فإذا لم يجز أن يكون له جواب، لم يجز حذفه وإرادته. فقد بعد أيضا أن يكون القسم مضمرا بعد علمت، فلما كان علموا مقسما عليه في هذا الموضع، فإذا جعلت من بغير معنى الذي لزمك أن يكون علمت قسما، ويكون قوله ما لهم في الآخرة من خلاق جوابه وكان دخول القسم على القسم غير سائغ عند سيبويه، وحمل اللام في لمن على أنه لام الابتداء، ومن بمعنى الذي، لئلا يلزم ما لا يستحسنه ولا يستجيزه من دخول قسم على قسم، فمذهب سيبويه في هذا هو البين.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم من أنه نبذ فريق من اليهود كتاب