الاعراب: جواب الشرط محذوف تقديره من كان عدوا لجبرائيل فليمت غيظا، فإنه نزل الوحي على قلبك بإذن الله. والهاء في قوله (فإنه) تعود إلى جبريل. والهاء في (نزله) تعود إلى القرآن. وإن لم يجر له ذكر، كما أن الهاء في قوله تعالى: (ما ترك على ظهرها من دابة) تعود إلى الأرض. ويجوز أن يكون على معنى جبرئيل، وتقديره فإن الله نزل جبريل على قلبك، لا أنه نزل بنفسه، والأول أصح. ونصب (مصدقا) على الحال من الهاء في (نزله). وهو ضمير القرآن، أو جبريل عليه السلام.
النزول: قال ابن عباس: كان سبب نزول هذه الآية ما روي أن ابن صوريا، وجماعة من يهود أهل فدك، لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، سألوه فقالوا: يا محمد! كيف نومك فقد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان؟
فقال: تنام عيناي وقلبي يقظان. قالوا: صدقت يا محمد، فأخبرنا عن الولد يكون من الرجل أو المرأة؟ فقال: أما العظام والعصب والعروق، فمن الرجل، وأما اللحم والدم والظفر والشعر، فمن المرأة. قالوا: صدقت يا محمد، فما بال الولد يشبه أعمامه، ليس فيه من شبه أخواله شئ، أو يشبه أخواله، وليس فيه من شبه أعمامه شئ؟ فقال: أيهما علا ماؤه، كان الشبه له. قالوا: صدقت يا محمد. قالوا:
فأخبرنا عن ربك ما هو؟ فأنزل الله سبحانه (قل هو الله أحد) إلى آخر السورة. فقال له ابن صوريا: خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك، واتبعتك: أي ملك يأتيك بما ينزل الله عليك؟ قال فقال: جبريل. قال: ذاك عدونا ينزل بالقتال والشدة والحرب، وميكائيل ينزل باليسر والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك لآمنا بك.
المعنى: فأنزل الله تعالى هذه الآية جوابا لليهود، وردا عليهم، فقال:
(قل) لهم يا محمد (من كان عدوا لجبريل) إذا كان هو المنزل للكتاب عليك (فإنه نزله على قلبك بإذن الله) لا من تلقاء نفسه، وإنما أضافه إلى قلبه، لأنه إذا أنزل عليه كان يحفظه ويفهمه بقلبه. ومعنى قوله (بإذن الله) بأمر الله.
وقيل: أراد بعلمه، أو بإعلام الله إياه ما ينزل على قلبك. وقوله: (مصدقا لما بين يديه) معناه: موافقا لما بين يديه من الكتب، ومصدقا له بأنه حق، وبأنه من عند الله، لا مكذبا لها.
(وهدى وبشرى للمؤمنين) معناه: إن كان فيما أنزله الأمر بالحرب والشدة