الثعلبي. والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية أصلا، والجواب عن الأدلة للمخالفين كالقرطبي.
وصاحب العلوم العقلية وخصوصا الإمام الرازي، قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، وخرج من شئ إلى شئ حتى يقضي الناظر عجبا. قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير، ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شئ إلا التفسير.
أما قدماء المفسرين، فقد كانوا على طريقة مؤلفي عصرهم، من إيراد الأقوال والأحاديث مسندة إلى رواتها، منقولة بوجوه متعددة، واقتصروا فيها على شرح المعاني، وإيراد الأحاديث الدالة على ذلك، مع بيان الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، ومقتضيات الحال، وما أشبه ذلك، مما كان متداولا في عصر الصحابة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يعنوا بشرح اللغة، ودقائق الإعراب، ونكات البيان، لأن ملكة اللغة كانت في زمنهم لم تنحط إلى درجتها التي وصلت إليها بعدهم، بل كانت علوم اللسان يومئذ غير مدونة، وكانت معرفتها إلى السليقة والفطرة أقرب منها إلى التعلم.
ولم تكن هذه المباحث يومئذ معدودة في التفسير، حتى إذا دونت الكتب، وكثر المؤلفون، وبعد عصر العربية الفصحى، أصبح هذا البحث من أركان علم التفسير، وعني به المحققون من المفسرين، وظهر في العصر السادس الهجري كتاب (الكشاف) للعلامة الزمخشري، جامعا لغرائب الفنون من علوم اللسان، شارحا دقائق البيان، ونكات البلاغة، شرح خبير عليم، فكان كتابا ممتعا في بابه.
ثم ظهر كتاب (مجمع البيان) للعلامة الطبرسي، فكان غاية في الاتقان، وحسن الترتيب والتبويب، وجمع إلى البحث عن اللغة والاعراب، بيان النظم، وسبب النزول، ثم فصل المعنى تفصيلا، لم يكن فيه إطناب ممل، ولا اختصار مخل، وهو بذلك من أحسن كتب التفسير تنسيقا وتأليفا، ومع ذلك فهو يورد الأقوال المختلفة، غير متعرض لنقد، أو اعتراض، بل تراه يسرد الأقوال، ويترك الحكم فيها للمطالع، ليشحذ ذهنه باختيار ما يراه صوابا، ويتعود به من لم يتعود ملكة النقد، والتمحيص.
أقسام التفسير: تقدم معنا البحث أنه بعد أن بعد عصر اللغة الفصيحة،