وكان الشعبي يرى أنه في الشعر أسلم منه في الحديث حتى قال لأصحابه:
لو أردت الله ما خرجت لكم، ولو أردتم الله ما جئتموني، ولكنا نحب المدح ونكره الذم.
وقال عمرو بن الحارث: ما رأيت علما أشرف، ولا أهلا أسخف من أهل الحديث!!
ونظر سفيان إلى أصحاب الحديث فقال: أنتم سخنة عين، لو أدركنا وإياكم عمر بن الخطاب لأوجعنا ضربا (1).
وقال مغيرة الضبي: والله لأنا أشد خوفا منهم (أصحاب الحديث) من الفساق.
وقال سفيان الثوري: إنا في هذا الحديث منذ ستين سنة، ووددت أني خرجت منه كفافا لا علي ولا لي (2).
وعن محمد بن سلام قال: حدثني يحيى بن سعيد القطان قال:
رواة الشعر أعقل من رواة الحديث، لأن رواة الحديث يروون مصنوعا كثيرا، ورواة الشعر ينشدون المصنوع ينتقدونه ويقولون هذا مصنوع (3).
وسئل المازني (النحوي الكبير) عن صفات أهل العلم فقال: أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف، وأهل الحديث فيهم حشو ورقاعة، والشعراء فيهم هوج (أي طيش وتسرع)، وأصحاب النحو فيهم ثقل، وفي رواية الأخبار الظرف كله (4).
ولو أردنا أن ننقل كل ما قيل في جمود رجال الحديث، لطال بنا نفس القول فنكتفي بذلك.
ونختتم هذا الفصل بأمر يؤسى له لأنه يدل على مقدار ما أصاب الإسلام من داء التفرق، فمن فرق المسلمين فرقة المعتزلة وتسمى العدلية ومثلها فرقة تسمى أصحاب