بين الأوزاعي وأبي حنيفة:
ذكر ابن الهمام أن الأوزاعي قال: ما لكم لا ترفعون الأيدي عند الركوع والرفع منه؟ فقال لأجل أنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شئ..
فقال الأوزاعي: كيف لم يصح وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه ابن عمر أن رسول الله كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه - فقال أبو حنيفة حدثنا حماد عن إبراهيم (أي النخعي) عن علقمة، والأسود عن عبد الله ابن مسعود أن النبي كان لا يرفع يديه إلا عند افتتاح الصلاة ثم لا يعود. فقال الأوزاعي أحدثك عن الزهري عن سالم عن أبيه وتقول حدثني حماد عن إبراهيم!
فقال أبو حنيفة - كان حماد أفقه من سالم، وعلقمة ليس بدون ابن عمر في الفقه، وإن كان لابن عمر فضل صحبته فالأسود له فضل كثير.
وقال حافظ المغرب في الانتقاء (1):
إن كثيرا من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة لرده كثيرا من أخبار الآحاد العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما اجتمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذا.
وقال الثوري: كان أبو حنيفة شديد الأخذ للعلم ذابا عن حرم الله أن تستحل يأخذ بما صح عنده من الأحاديث التي كان يحملها الثقات، وبالأخير من فعل رسول الله وبما أدرك عليه علماء الكوفة.
وكان الأوزاعي يقول: إنا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى (2)، كلنا يرى، ولكننا ننقم عليه أنه يجيئه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيخالفه إلى غيره (3).
هذا ولا يزال أبو حنيفة إلى يوم القيامة بين الأئمة، هو الإمام الأعظم وأتباعه يملأون مشارق الأرض ومغاربها، ولا يستطيع أحد أن يشك في إسلامهم، أو يطعن