خالف جمهور أرباب الكلام والأصول، فإنهم ذهبوا إلى أن أخبار الآحاد لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن، وذهب هو إلى أن أخبار الآحاد التي في الصحيحين - سوى ما استثنى منهما - تفيد العلم ولو اكتفى بذلك لأمكن أن يقال لعله يريد بالعلم الظن القوي - فلا يكون الخلاف بينه وبينهم شديدا، ولكنه زاد فوصف العلم بكونه يقينيا، فلم يبق وجه للصلح بينه وبينهم - ولا يخفى أن مخالفة أهل الكلام والأصول ليست بالأمر السهل. وهنا شئ، وهو أن بعض المحققين منهم ذهب إلى أن أخبار الآحاد قد تفيد العلم - مع القرائن - وقد اختلفوا في أن القرائن، أتدل على صدق الخبر أم لا، فذهب النظام وإمام الحرمين والغزالي إليه، وأنكره الباقون (1)..
ليس في الحديث متواتر:
قال الحازمي في شروط الأئمة الخمسة (2).
الحديث الواحد لا يخلو إما يكون من قبيل التواتر أو من قبيل الآحاد، وإثبات التواتر في الحديث عسر جدا، لا سيما على مذهب من لم يعتبر العدد في تحديده - وأما الآحاد فعند أكثر الفقهاء توجب العمل دون العلم.
وقال الإمام الشاطبي في الجزء الأول من الاعتصام (3) وهو يتكلم عن خبر الواحد:
إن عامة التكليف مبني عليه، لأن الأمر إنما يرد على المكلف من كتاب الله، أو من سنة رسوله، وما تفرع منهما راجع إليها، فإذا كان واردا من السنة فمعظم نقل السنة " بالآحاد " بل قد أعوز أن يوجد حديث عن رسول الله متواتر.
وقال ابن حبان البستي: وأما الأخبار فإنها كلها أخبار الآحاد، لأنه ليس يوجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر من رواية عدلين روى أحدهما عن عدلين