الغفاري للدعوة الاشتراكية (1)، وكان من أكبر من ألب الأمصار على عثمان وأله عليا، والذي يؤخذ من تاريخه أنه وضع تعاليم لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبث تعاليمه، واتخذ الإسلام ستارا يستر به نياته - وأشهر تعاليمه الوصاية والرجعة، وقد بدأ قوله بأن محمدا يرجع، فكان مما قاله: " العجب ممن يصدق أن عيسى يرجع، ويكذب أن محمدا يرجع ". ثم تحول إلى القول بأن عليا يرجع، وقال ابن حزم، لما قتل علي قال: " لو أتيتمونا بدماغه ألف مرة ما صدقنا موته، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وفكرة الرجعة هذه أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أن النبي " إلياس " صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين والقانون، ووجدت الفكرة في النصرانية أيضا في عصورها الأولى.
وصفوة القول في هؤلاء اليهود - كما قال بعض الباحثين - أن سلاحهم كان الافتراء والكذب، والمكر والدس، وتحريف الكلم، وإثارة الشكوك والشبهات بين المسلمين وإيقاع الضغينة بينهم.
وقد تبين لك أن قتل عمر كان من تدبير جمعية سرية اشترك فيها كعب الأحبار اليهودي. وقتل عثمان كان بعضه بتأثير دسائس عبد الله بن سبأ اليهودي، وإلى جمعية السبئيين وجمعيات الفرس، ترجع جميع الفتن السياسية، وأكاذيب الرواية في الصدر الأول.
كتبنا ذلك في الطبعة الأولى من كتابنا اعتمادا على ما كتبه كبار المؤرخين ومن جاء بعدهم عن ابن سبأ، وقد ظهر كتاب نفيس اسمه " عبد الله بن سبأ " من تأليف العالم العراقي الكبير الأستاذ مرتضى العسكري أثبت فيه بأدلة قوية مقنعة أن هذا الاسم لا حقيقة له، لأن المصدر الأول الذي اعتمد عليه كل المؤرخين من الطبري إلى الآن في إثبات وجوده هو سيف بن عمر التميمي المتوفى سنة 170 ه، وقد طعن أئمة السنة جميعا في روايته، وقال فيه الحاكم: اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط.
وإنا - إنصافا للعلم والحق نقول: إن الدكتور طه حسين قد شك قبل ذلك في