الخفاء لكن يحقق أغراضه التي أسلم من أجلها، ورأى أن ذلك لا يتسنى إلا بعد التخلص من هذه الصخرة العاتية التي اعترضت طريقه، وحالت بينه وبين ما يريد، وما لبث أن أتيحت له فرصة المؤامرة التي دبرتها جمعية سرية لقتل عمر فاشترك فيها ونفخ في نارها!
ولما خلا له الجو بقتله، وأمن من خوفه، أطلق العنان لنفسه لكي يبث ما شاء الكيد اليهودي أن يبث من الخرافات والإسرائيليات التي تشوه بهاء الدين يعاونه في ذلك تلاميذه الكبار أمثال: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة..
ولم يكفه ذلك، ولا أقنعه أن يصبح ولا معارض له فيما يريد، وأن يجد من غفلة المسلمين، وعون الحاكمين إصغاء لكل ما يفتري وتقديرا، بل ظل على مكره يهتبل كل فرصة لكي يضرب الإسلام من ضرباته الخبيثة.
ولنضرب لذلك هنا مثلا واحدا نجتزئ به، ذلك أنه لما اشتعلت نيران الفتنة في زمن عثمان واشتد زفيرها، حتى التهمت عثمان فقتلته وهو في بيته، لم يدع هذا الكاهن الماكر هذه الفرصة تمر دون أن يهتبلها بل أسرع ينفخ في نارها ويسهم بكيده اليهودي فيها ما استطاع على ذلك سبيلا، وقد كان من كيده في هذه الفتنة أن أرهص بيهوديته بأن الخلافة بعد عثمان ستكون لمعاوية!
فقد روى وكيع عن الأعمش عن أبي صالح (1) أن الحادي كان يحدو بعثمان (رضي الله عنه) يقول:
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلق رضي فقال كعب الأحبار: بل هو صاحب البغلة الشهباء! (يعني معاوية)، وكان يراه يركب بغلة. فبلغ ذلك معاوية فأتاه فقال: يا أبا إسحاق ما تقول هذا! وها هنا علي والزبير وأصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم)! قال: أنت صاحبها. ولعله أردف ذلك بقوله: إني وجدت ذلك في الكتاب الأول!!
وقدر معاوية هذه اليد الجليلة لكعب، وأخذ يغمره بأفضاله، وقد عرف من تاريخ