ولا يتوهمن أن قوله " إلا ثلاثا " نفي للثلاث كلها، فهو نفي للواحدة أيضا، فهو أيضا من التعقيب بما ينافيه، لأن غايته أن يكون بمنزلة الإنكار بعد الإيقاع، ولا عبرة به ما لم يرد به الرجعة، وهذا اللفظ مما لا يصلح لقصد الرجعة به فبطل الاستثناء أيضا، فبطلان الاستثناء إشارة إلى الوجهين، والنظر مقطوع عن بطلان استثناء الشيء من نفسه، مع احتمال الإشارة إليه وإن كان الأول أدق وأفيد.
(وكذا لو قال): أنت طالق (طلقة إلا طلقة) فإن استثناء الشيء من نفسه باطل، وغايته هنا أن يكون إنكارا بعد الإيقاع، وقد عرفت أنه لا عبرة به.
(ولو قال: أنت طالق غير طالق فإن قصد الرجعة صحا معا) إن كانت رجعية (فإن إنكار الطلاق رجعة) كما سيأتي، وإن كان كاذبا فهو أولى بذلك، لأنه لفظ صالح لإنشاء الرجعة، وقد قصدها به. (وإن قصد النقض) للطلاق من أصله (لزم الطلاق) إذ لا عبرة به بعد الإيقاع، فإنه يكون حينئذ بمنزلة طلقة إلا طلقة.
(ولو قال: " زينب طالق " ثم قال: " أردت عمرة " قبل إن كانتا زوجتين) له، للأصل والاحتياط، ولأنه لا يعرف إلا منه، وسبق اللسان إلى غير المراد كثير. والفرق بينه وبين الإنكار المحض أو النقض ظاهر، نعم لا يسمع إن عارضه ظاهر قوي، وإذا قبل فالظاهر عدم طلاق أحد منهما، لعدم النطق بلفظ يعين المطلقة، مع احتمال الوقوع، لتنزيل زينب منزلة عمرة.
(ولو قال: " زينب طالق بل عمرة " طلقتا جميعا) لأن " بل " ليس نصا في الإنكار أو النقض، فليحمل على الجمع (على إشكال) في وقوع طلاق عمرة (ينشأ من اشتراط النطق بالصيغة) المركبة من المطلقة ولفظ الطلاق، وظهور الأخبار في الانحصار في " أنت طالق " (1) فيحصل الشك في أن العطف يكفي في ذلك. أو لابد من التلفظ بالطلاق صريحا في المعطوفة.