(وإن قال): زنيت (وأنت مشركة أو مجنونة فكذلك) عليه التعزير (إن عهد لها ذلك) أي حال شرك أو جنون (وإلا) يعهد لها ذلك (فالحد) فإنه لم يقذف المشركة أو المجنونة بل المسلمة العاقلة، وما ذكره من القيد يكون لغوا.
(ويحتمل) قويا (سقوطه إذا لم يعهد، لأنه) لم يقذفها بزنى يلزمها إثمه، وإنما (جاء بمحال) فكان كلامه بتمامه لغوا، لكن تستحق عليه التعزير للإيذاء.
وعلى الأول إذا قالت: ما زنيت وما كنت مشركة أو مجنونة، فهل القول قوله أو قولها؟ وجهان: من أصل البراءة، وهو خيرة المبسوط (1). ومن أصالة الإسلام والعقل.
(ولو ادعت) عليه (القذف فأنكره فأقامت شاهدين، فله أن يلاعن إن أظهر لإنكاره تأويلا) كأن يقول: إني كنت قلت لها: زنيت وبذلك شهد الشاهدان، ولكنه ليس بقذف، لأني صدقت في ذلك، فإنما أنكرت أن أكون قذفتها.
(وإلا فلا لعان، ووجب الحد، لأنه) باللعان (يكذب نفسه، فإن أنشأ قذفا آخر) كأن يقول: ما قذفتها ولكنها زانية (فله اللعان، واندفع عنه ذلك الحد) أي الحد لما شهدت به البينة (أيضا) لأنه لا يتكرر الحد إذا كرر القذف بزنى واحد، فهنا أولى (إلا إذا كان صورة إنكاره: ما قذفت ولا زنيت، فإن قذفه بعده يناقض شهادة الإبراء) أي شهادته ببراءتها (إلا أن تمضي مدة يحتمل فيها طريان الزنى) فله اللعان حينئذ.
(ولو امتنعا عن اللعان فلما عرضا للحد) أو استوفى بعض الجلدات (رجعا إليه جاز) للعموم، واللعان وإن كان يمينا ولا رجوع إليها بعد النكول، لكنه الحق هنا بالبينة لمفارقته لليمين في أن النكول عن اليمين يوجب انتقالها إلى الآخر وليس كذلك اللعان، ومشابهة لعانه للبينة في إثبات الحد عليها.