مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩٢
عندها وحكم في المنتهى باستحباب التقديم ليشمل النية أفعال الوضوء الواجبة والمندوبة وجوز ابن إدريس التقديم عند غسل اليدين في الغسل دون الوضوء وجوز في الوضوء التقديم عند المضمضة والاستنشاق معللا بأنهما من جملة العبادة وكأنه جعل غسل اليدين مستحبا خارجا لا من جملة أفعال الوضوء وليس ببعيد لكن جعله في الغسل داخلا دون الوضوء بعيد ومنع ابن طاوس (ره) في البشرى التقديم مطلقا سواء كان عند غسل اليدين أو المضمضة والاستنشاق نظرا إلى أن مسمى الوضوء الحقيقي غيرهما ونقلوا الاجماع على عدم جواز تقديمها عند غيرها من المسنونات كالسواك و التسمية والظاهر ما ذهب إليه الأكثر كما سيظهر عن قريب إنشاء الله تعالى ولما لم يذكر المصنف فيما بعد غسل اليدين في مستحبات الوضوء فلا بأس أن نورد ها هنا بيان استحبابه وشرايطه أما الاستحباب فيستدل عليه بما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الصحيح ظاهرا عن عبيد الله الحلبي قال سئلته عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل إدخالها في الاناء قال واحدة من حدث البول واثنتان من الغايط وثلاث من الجنابة وما رواه أيضا في هذا الباب في الحسن عن حريز عن أبي جعفر (عليه السلام) قال يغسل الرجل يده من النوم مرة ومن الغايط والبول مرتين ومن الجنابة ثلاثا وما رواه أيضا في الموثق عن عبد الكريم بن عتبة الكوفي الهاشمي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يبول ولم يمس يده اليمنى شئ يدخلها في وضوءه قبل أن يغسلها قال لا حتى يغسلها قلت فإنه استيقظ من نومه ولم يبل أيدخل يده في وضوءه قبل أن يغسلها قال لا لأنه لا يدري حيث باتت يده فليغسلها فإن قلت ما وجه حمل هذه الرواية على الاستحباب دون الوجوب قلت للجمع بينها وبين ما رواه التهذيب أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال سئلته عن الرجل يبول ولم تمس يده اليمنى شيئا يغمسها في الماء قال نعم وإن كان جنبا وهذا وإن كان مختصا بالبول لكن الغايط والنوم أيضا الظاهر أن حكمهما حكم البول لاقترانهما به في الروايات وكذا بينها وبين ما روي أنه (عليه السلام) عند بيان الوضوء غمس كفه في الماء من غير غسل وقال هكذا إذا كانت الكف طاهرة وسيجئ الرواية إنشاء الله تعالى ويؤيد الاستحباب أيضا آية الوضوء حيث لم يذكر فيها غسل اليد وكذا الاختلاف الواقع في الروايات في الغسل للبول هذا كله مع أن الأصل براءة الذمة من الوجوب ولا يذهب عليك إن استنباط غسل اليد اليسرى من الروايات مشكل لكن الشهرة بين الأصحاب كأنها يكفي في الحكم بالاستحباب وأما الشرايط فذكروا للاستحباب شرطين الأول أن يكون الوضوء من حدث النوم أو البول أو الغايط لا الريح ووجهه ظاهر مما ذكرنا الثاني أن يكون من ماء قليل في إناء يمكن الاغتراف منه فلو توضأ من نهر أو مصنع؟ أو إناء لا يمكن الاغتراف منه لم يستحب الغسل ووجهه غير ظاهر لان الرواية الأولى وإن كانت مختصة بالاناء لكن الأخيرتين مطلقتان وكون علة الغسل توهم التنجيس غير ظاهر بل لو كان علته أيضا ذلك لكان هذا التوهم غير منحصر في تنجيس الماء بل جار في تنجيس الأعضاء وعدم صحة الوضوء معه وأيضا على تقدير التسليم لكان ينبغي أن يخص بالقليل فقط لا بكونه في إناء أيضا ثم أنه لو غسل اليد بعد هذه الاحداث بدون إرادة الوضوء فهل يستحب الغسل ثانيا عند إرادته أم لا لم أقف فيه على نص من الأصحاب والرواية الأخيرة نظرا إلى التعليل الواقع فيها تدل على عدم الاستحباب ثانيا بعد النوم وكذا ظاهرها في البول أيضا كما لا يخفى والرواية الثانية الامر فيها مطلق فيحصل امتثاله بالغسل قبل إرادة الوضوء أيضا كما هو الظاهر نعم الرواية الأولى كأنها ظاهرة في الاستحباب (ولو وجب غسل اليدين لنجاسة أو استحب لا للوضوء أو أبيح فلا نية عنده) ووجهه أنه ليس حينئذ من جملة إفعال الوضوء فلا يجوز مقارنة النية به والاستحباب لا للوضوء مثل الاستحباب للاكل والإباحة كالغسل بعد الريح أو عند الوضوء من النهر على القول بعدم الاستحباب حينئذ وكذا لو كان مكروها كما لو قصر الماء بسببه عن الغسلات المستحبة أو حراما كما لو قصر بسببه عن الغسلات الواجبة بطريق الأولى وقال المصنف (ره) في الذكرى وفي جوازها عند الواجب كإزالة النجاسة المعلومة وجه لأنه أولى من الندب بالمراعاة والأقرب المنع لأنه لا يعد من أفعال الوضوء انتهى وأيد الشهيد الثاني (ره) الوجه بما ورد من التعليل في النائم فإنه لا يدري أين باتت يده فإنه يقتضي أنه لرفع نجاسة موهومة فالمحققة أولى هذا واعلم إن استفاده أن هذا الغسل من جملة إفعال الوضوء من الروايات مشكل جدا فلو كان بناء جواز تقديم النية عليه لكان الظاهر عدم الجواز لكنا سنذكر إنشاء الله تعالى وجها آخر للجواز ولذا اخترنا المذهب المشهور (واستدامة حكمها) إلى آخره نذكر أولا ما هو الظاهر عندنا في هذا الباب ثم نشتغل بذكر كلام القوم اعلم إن الحركات الصادرة عنا بالاختيار إنما يصدر بعد تصور الفعل والغاية والضرورة قاضية بأن كثيرا ما نغفل في أثناء الحركة عنهما ومع ذلك يصدر تلك الحركة ولا حاجة لنا ها هنا إلى بيان كيفية الصدور وأنه كيف يصدر الامر الغير القار عن الامر الثابت لان موضعه في الحكمة ولا مدخل لتحقيقه في هذا المقام وظاهر أيضا أن الحركة التي يصدر بعد حصول الشوق والإرادة المسماة بالاجماع الناشئين من تصور النفع والغرض لتلك الحركة إنما يطلق عليها في العرف أنها صادرة بالإرادة لتلك الغرض والنفع وإن ذهل المتحرك في أثنائها عن تصور الفعل والنفع لكن يكون بحيث لو رجع إلى نفسه لاستشعر به ما لم تحدث له إرادة أخرى لاصدار تلك الحركة ناشية من تصور نفع وغرض آخر وإذا تمهد هذا فنقول غاية ما ثبت
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336