فثبت الظاهر قلت عدم اليقين بالحدث في الصورة المذكورة ممنوع إذ اليقين بالحدث المتقدم على ذلك الوضوء حاصل والرافع له غير متيقن لح جواز أن لا يكون ذلك الوضوء وأفعاله كما ذكرنا وقد ورد في الاخبار أن اليقين لا ينتقض إلا باليقين فيكون الحكم اليقين السابق باقيا بحاله فالوضوء للصلاة بعد الوضوء السابق ليس مما حذر عنه لمصادفته اليقين الشرعي وأيضا على تقدير أن يكون المراد المعنى الأول نقول أن قوله (عليه السلام) فتوضأ أمر وظاهره الوجوب فالمنع عن الوضوء بعده حين يحصل اليقين بحدث آخر منع عن الوضوء بعد الوضوء الواجب فلا دلالة على المدعى ولا يخفى أن النسخ مختلفة في هذه الرواية ففي بعض نسخ الكافي بالطريق الذي ذكره (ره) وفي بعض أخرى منها وفي نسخ التهذيب بهذه الطريقة إذا استيقنت إنك قد توضأت فإياك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت وعلى هذه النسخة دلالتها على المراد ظاهرا ولا يرد ما أوردنا عليه نعم يمكن المناقشة بأنه يجوز أن يكون المراد النهي عن إحداث الوضوء بسبب الشك لا المنع عن الاحداث مطلقا كما ذكرنا في فواتح الكتاب والعجب أنه قد أورد في التأييد النسخة الغير المشهورة مع عدم ظهور دلالتها وترك النسخة المشهورة مع ظهورها وكأنه لم يكن في نسخة (ره) هكذا هذا وأما القول بأنه يعتبر في الوضوء لهذه الأشياء المذكورة نية رفع الحدث واستباحة الصلاة مشروط بالطهارة فسيجئ مفصلا في مبحث النية إنشاء الله تعالى (ونوم الجنب) يدل عليه ما رواه الصدوق (ره) في الفقيه في باب صفة غسل الجنابة في الصحيح قال وقال عبد الله بن علي الحلبي سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل ينبغي له أن ينام وهو جنب قال يكره ذلك حتى يتوضأ وفي حديث آخر أنا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك أني أريد أن أعود انتهى وما يتوهم من الحديث الاخر من فعله (عليه السلام) النوم المكروه يمكن رفعه بوجهين أحدهما أنه ليس فيه أنه ( عليه السلام) إنما ينام بغير الوضوء لجواز أن يكون المراد أني أنام على الجنابة بغير غسل وثانيهما أن يقال بكراهة النوم بدون الوضوء إذا لم يرد الإعادة أما مع إرادة الإعادة فلا كما يدل عليه آخر الحديث وبالوجه الأخير يندفع ما يتوهم أيضا من تركه (عليه السلام) الأفضل نظرا إلى الرواية الآتية وما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب الأغسال في الموثق عن سماعة قال سئلته عن الجنب يجنب ثم يريد النوم قال إني أحب أن يتوضأ فليفعل والغسل أفضل من ذلك وإن هو نام ولم يتوضأ ولم يغتسل فليس عليه شئ إن شاء واعلم إن النوم مطلقا أيضا مما يستحب له الوضوء لما رواه الصدوق (ره) في الفقيه في كتاب الصلاة في باب ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه قال قال الصادق (عليه السلام) من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده وروى أيضا في ثواب الأعمال عن محمد بن كردوس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من توضأ ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده والمصنف اقتصر على نوم الجنب لقوة مستندة ففي تحقيق غاية النوم للوضوء كلام سيجئ إنشاء الله تعالى في مبحث النية (وجماع المحتلم) يدل عليه ما رواه الصدوق (ره) في الفقيه في باب الأوقات التي يكره فيها الجماع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى فان فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه والحكم مختص بالمحتلم فلا يكره الجماع بعد الجماع بدون الوضوء وغاسل الميت يحتمل وجهين أحدهما ان يكون عطفا على المحتلم أي يستحب لغاسل الميت إذا أراد الجماع قبل غسل المس أن يتوضأ والثاني أن يكون معطوفا على الجماع أي يستحب لغاسل الميت أي من يريد غسله أن يتوضأ إذا كان جنبا والذي يدل عليهما معا ما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في أواسط باب تلقين المحتضرين عن شهاب بن عبد ربه عقال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب يغسل الميت أو من غسل ميتا أيأتي أهله ثم يغتسل قال لا هما سواء لا بأس بذلك إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ وغسل الميت وإن غسل ميتا ثم يأتي أهله توضأ ثم أتى ويجزيه غسل واحد لهما وهذه الرواية في الكافي أيضا في أواخر كتاب الجنايز في أول باب النوادر وذكر الحايض المشهور بين الأصحاب استحباب الوضوء لذكر الحايض وقال علي بن بابويه بالوجوب والأظهر الأول لشهرة وعدم ما يدل على الوجوب ظاهرا مع أصالة البراءة فلنذكر الروايات الواردة في هذا الباب منها ما رواه الشيخ (ره) في التهذيب في باب حكم الحيض في الحسن أو الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال إذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند كل وقت صلاة ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله عز وجل فتسبحه وتهلله وتحمده بمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها وهذا يمكن أن يكون متمسكا لابن بابويه (ره) باعتبار دلالته عليها على الوجوب والجواب منع كونها حقيقة في الوجوب ومع تسليمه تحمل على الاستحباب مجازا بقرينة ما سنذكره ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الحسن عن زيد الشحام قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ينبغي للحايض أن تتوضأ عند وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة فتذكر الله عز وجل مقدار ما كانت تصلي وكلمة ينبغي في هذه الرواية الدالة ظاهرا على الاستحباب قرينة على حمل كلمة على في غير الرواية السابقة على الندب فإن قلت على تقدير كون كلمة ينبغي ظاهرة في الاستحباب لا، أصل الرجحان ثابت والأصل عدم الوجوب حتى يثبت ولم يثبت لوجود المعارض فإذن الحكم الثابت بالنسبة إلينا الاستحباب؟ نحمل كلمة عليها على الاستحباب البتة مع أن لنا قرينة أخرى على الاستحباب كما سنذكر فترجيح على قرينة الوجوب وهاتان الروايتان في الكافي أيضا في باب ما يجب على الحايض في أوقات الصلاة ومنها ما رواه في الكافي في هذا الباب عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال تتوضأ المرأة
(٣٨)