مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠
عليه أما أولا فبعدم صحة السند لان عبد الله المذكور لم يوثقه أحد من الرجاليين بل إنما يمدح فقط نعم إنما نقلوا عن ابن إدريس (ره) أنه وصف هذه الرواية بالصحة وهو مما لم يصلح للتعويل بعد عدم توثيق الرجاليين لعدم ظهور مراده من لفظ الصحة لجواز أن يكون مراده غير الصحة المشهورة بين المتأخرين وأما ما ذكره العلامة (ره) في المختلف والمنتهى في هذا المقام من رواية الشيخ (ره) في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي فلا يدل على توثيقه إذ يجوز أن يكون مراده أنه صحيح إلى عبد الله وكثيرا ما يجري كلامهم على هذا الاصطلاح وأما ثانيا فمنع دلالتها على المدعى لان انتفاء الغسل عند مجئ ما يفسد الصلاة ويحتمل وجهين أحدهما أن يكون لأجل أن الصلاة غرض من الغسل فعند عدم إمكان الاتيان به لم يكن غسل وثانيهما أن يكون لأجل أن صحة الغسل موقوفة على عدم تحقق حدث لا يمكن ارتفاعه وقد كنى عنه في الرواية بمجئ ما يفسد الصلاة فعند تحقق الحيض لم يكن غسل لعدم صحته وعلى هذا فلا يتم الاستدلال بل نقول حمل الرواية على الاحتمال الأخير أظهر لان قوله (عليه السلام) فلا تغتسل أما نهي أو نفي وعلى الأول أما للحرمة أو للكراهة ولا شك في عدم ترتب الحرمة والكراهة على مجرد كون الغرض من الغسل الصلاة فقط مع عدم وجوب الصلاة كيف والقائلون بوجوبه بالغير وعدم وجوبه ما لم يجب الغير أيضا قائلون باستحبابه قبل وجوب الغير ولا كذلك الاحتمال الأخير لظهور ترتب الحرمة على عدم صحة الغسل إذ العبادة ما لم يكن متلقاة من الشارع لا يجوز الاتيان بها وعلى الثاني أيضا لما لم يمكن حمله على ظاهره فلابد من حمله على النهي ويعود ما ذكرنا فعلى الاحتمال الأول لا بد أن يخرج الكلام عن ظاهره ويحمل على نفي الوجوب سواء كان نفيا أو نهيا حتى يستقيم بخلاف الاحتمال الأخير مع أنك تعلم مما سبق أن ترتب نفي الوجوب أيضا على المعنى المذكور محل نظر وتأمل وإن الاستلزام الذي يدعونه ممنوع ويرد أيضا أن حمله على نفي الوجوب ليس بأولى من حمله على نفي التضيق فكان السائل إنما سئل عن تضيق الغسل عليها وعدمه فأجاب (عليه السلام) بأنه لا تضيق حينئذ إذ ليس وقت صلاة حتى يتضيق ولا يتوهم أن كونه مضيقا بتضيق الصلاة أيضا يدل على المراد إذ قد عرفت أن الخلاف ها هنا ظاهرا في انحصار الوجوب في الغيري وعدمه لا في أصل الوجوب الغيري إذ لا خلاف فيه وهذا المعنى كما يلزم الأول كذلك يلزم الثاني أيضا فلا دلالة له على المراد لا يقال إذا كان الغسل واجبا لنفسه لا وجه لتوقف صحته على انتفاء الحدث المانع من الصلاة نعم إنما يعقل ذلك إذا كان واجبا للصلاة إذ لا منافاة بينهما لجواز أن يكون شرع الغسل لتحصيل الحالة التي يستباح معها الصلاة وإن لم يكن استباحة الصلاة غرضا بل يكون تلك الحالة أمرا مهما في نفسها أو لغرض آخر فإذا لم يمكن تحصيل تلك الحالة لم يشرع الغسل لفوات الغرض منه فإن قلت قد روى الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب الحيض عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال أن شائت أن تغتسل فعلت وعلى هذا لا يمكن حمل قوله (عليه السلام) فلا تغتسل في رواية الكاهلي على التحريم مع أن الاحتمال الأخير الذي ذكرت إنما يستلزم التحريم كما قررت فعلى تقدير الوجوب لنفسه على ما تحمل الرواية الكاهلي بناء على العمل بهذه الرواية قلت أما أولا فقد عرفت حمله على نفي التضيق مع عدم منافاته للوجوب النفسي وأما ثانيا فنحمل فلا تغتسل على الكراهة ونقول بجواز كون فضيلة الغسل وكماله موقوفة على انتفاء الحدث لا صحته ولا فساده أو نحمله على نفي الوجوب ولا استبعاد في أن يكون الغسل على تقدر وجوبه لنفسه أيضا لا يجب في وقت الحدث وإن كان يصح الاتيان به كما في صورة الوجوب الغيري بعينه واستدل أيضا بجواز تأخيره إلى وقت تضيق الصلاة فلا يكون واجبا لغيرها وضعفه ظاهر واستدل أيضا بوجوه ضعيفة لا يحسن إيرادها وأما حجة القائلين بالوجوب النفسي فأمور أيضا منها قوله تعالى وإن كنتم جنبا إلى آخره علق الوجوب على الجنابة فقط فلم يكن مشروطا بشئ آخر وفيه أنه موقوف على كونه معطوفا على جملة إذا قمتم وهو ممنوع لجواز عطفه على فاغسلوا وإن كنتم محدثين المقدر في نظم الكلام كما قيل ومنها قوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وجه الاستدلال أنه تعالى نهى عن قربان الصلاة جنبا بدون الغسل فيكون حراما فيجب تركه وهو يحصل بأمرين ترك القربان مطلقا أو تركه على هذه الصفة وإذ لم يجز الأول فتعين الثاني فإذا فرض أن قبل دخول وقت الصلاة يمكن الغسل ويظن أو يعلم أن وقت الدخول لم يتيسر لفقد الماء مثلا فحينئذ نقول لا شك أن المعنى الثاني الذي بينا وجوبه إنما يتوقف على الغسل في هذا الوقت فيكون واجبا بناء على وجوب ما يتوقف عليه الواجب فإذا ثبت الوجوب في بعض أوقات خارج الوقت فقد ثبت في جميعه بشرط الحدث لئلا يلزم خرق الاجماع المركب فثبت الوجوب النفسي أو يقال إذا ثبت الوجوب خارج الوقت في الجملة فقد بطل الوجوب الغيري لانتفاء لازمه حسب ما يعتقدون أعني عدم الوجوب ما لم يدخل الوقت فيكون إلزاما عليهم فإن قلت هذا إنما يتم إذا كان المراد بالصلاة حقيقتها وأما إذا كان المراد مواضعها كما مر أنه الراجح فلا قلت على هذا أيضا يمكن إجراء الدليل بأن يفرض أنه نذر أحد الاستيطان في المسجد في وقت الظهر مثلا وفرض الغرض المذكور فيلزم حينئذ أيضا وجوب الغسل مع عدم وجوب غايته فبطل الوجوب الغيري كما قررنا إلا أن يقال أن مرادهم من نفي الوجوب النفسي أنه لا وجوب نفسيا بحسب أصل الشرع وهذا في الحقيقة داخل في الوجوب بالنذر الذي استثنوه لكن لا يخفى أنه يتحقق وجوب الدخول بأصل الشرع أيضا بدون النذر مثل دخول المسجد الحرام للطواف
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336