عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين الليل فإن فاته يغتسل يوم السبت والحكم عليه بالتأييد وعلى جواز أن لا يكون مراده (عليه السلام) من قوله يغتسل ما بينه وبين الليل إن من فاته الغسل يفعل كذلك حتى يكون دالا على المدعى بل يكون المراد بيان وقت غسل الجمعة وإعلام السائل بأنه متى يتحقق فواته ثم الافصاح بالجواب عن سؤاله وهذا ليس ببعيد وإن كان الاحتمال الأول أظهر أدنى ظهور وأنت خبير بأنه لو لم يكن دعوى الاجماع على الحكم كما نقلنا لم يبعد القول بامتداده إلى الليل لاطلاق اليوم في الروايات وجواز حمل الامر في رواية زرارة المذكورة على الأفضلية سيما مع كونه محفوفا بالأوامر الاستحبابية وكون الغرض من وضعه ابتداء المعنى المذكور لا ينافيه أيضا كما لا يخفى إلا ترى أن الغرض من وضع الاذان الاعلام مع أنه يصح إخفاتا أيضا إلى غير ذلك وأما التأييدان فقد عرفت حالهما وقد نسب إلى الشيخ في الخلاف بامتداده إلى أن تصلي الجمعة ولا يخفى أنه إن لم يكن تصريح فيه بأنه خلاف القول المشهور لأمكن حمله عليه بأن يحكم بخروج الغاية ويقال أن مراده من وقت الصلاة الزوال لاتفاقهما في بعض الأحيان والتفاوت القليل بينهما في بعض آخر فيجوز أن يراد به الزوال وإن وجد تصريح به فيمكن حمله أذن على المعنيين أحدهما ان يكون الغاية داخلة ويكون المراد امتداده إلى الفراغ من الصلاة والثاني أن يكون خارجه وتظهر الفائدة في بعض الأحيان التي يتخلف الصلاة عن الزوال وكأنه حمل في المدارك على الأخير حيث قال وهو حسن تمسكا بمقتضى الاطلاق والتفاتا إلى أن ذلك محصل للغرض المطلوب من الغسل وكأنه علمه من خارج وإلا فمجرد هذا القول لم يتعين الحمل عليه بل الأول أظهر كما لا يخفى وأيا ما كان لم يظهر له وجه لان وجهه أما إطلاق الروايات وهو لا يصلح له إذ ما يستفاد منه الامتداد إلى الليل لا إلى هذا الحد بخصوصه وأما الاطلاق مع انضمامه إلى الغرض المذكور بعد اختصاص المراد بالاحتمال الأخير فهو أيضا غير صالح للتعويل لما عرفت من حال الغرض مع مخالفة الاجماع أو الشهرة فالأولى الوقوف عليه والاخذ به وقد يقال بجواز التمسك في هذا القول بموثقة عمار المتقدمة في وجوب الغسل وهو أيضا ضعيف كما لا يخفى (وتعجيلا يوم الخميس لخائف تعذره يوم الجمعة) مستند الحكم ما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب الأغسال عن محمد بن قيس عن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال لأصحابه إنكم تأتون غدا منزلا ليس فيه الماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة وما رواه أيضا في هذا الباب عن الحسين بن موسى بن جعفر عن أمه وأم أحمد بن موسى بن جعفر قالتا كنا مع أبي الحسن (عليه السلام) بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا للغد يوم الجمعة فإن الماء غدا بها قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب وجوب غسل يوم الجمعة وفي الفقيه أيضا في باب غسل الجمعة والروايتان وإن كانتا ضعيفتي السند لكن الشهرة تجبرهما ولا يخفى أنهما يدلان على تقديم الغسل لاعواز الماء لا التعذر مطلقا فتعميم الحكم بحيث يشتمل كل عذر كما في ظاهر الكتاب وظاهر المبسوط ومال إليه الشهيد الثاني (ره) لا يخلو عن الاشكال إلا أن يثبت شهرة بين الأصحاب والظاهر أنه لم يثبت وكذا يدلان على التقديم يوم الخميس فإلحاق ليلة الجمعة به أيضا مشكل إلا مع الشهرة ولو وجد المقدم للغسل يوم الخميس الماء يوم الجمعة قبل الزوال فالظاهر استحباب الإعادة لاطلاق أوامر غسل الجمعة كما صرح به الصدوق (ره) في الفقيه وإن سلمنا إن ظاهر الروايتين بدلية هذا الغسل لغسل يوم الجمعة مطلقا لان تخصيص الروايات الكثيرة النقية السند بمثل هاتين الروايتين مشكل وإذا وجد الماء بعد الزوال يوم الجمعة أو وجد يوم السبت فهل يستحب الإعادة أم لا الظاهر لا سيما في يوم السبت لان أدلة القضاء كما سيجئ غير صحيحة وإنما العمل عليها باعتبار الشهرة ولا شهرة فيما نحن فيه وهل يشترط في استحباب التقديم خوف الاعواز يوم الجمعة فقط أو فيه وفي يوم السبت أيضا احتمل العلامة (ره) في المنتهى الثاني لان القضاء أولى من التقديم كما في صلاة الليل وفيه ضعف والظاهر الأولى فإن في الروايتين على الحكم باعواز الماء في يوم الجمعة فقط وآخر الوقتين أفضل أي وقت الأداء ووقت التقديم ففي الأول كلما قرب من الزوال كان أفضل وفي الثاني كلما قرب من الفجر أن ألحقنا الليلة بالخميس في الحكم وإلا فكلما قرب من الليل وعلل القوم الحكم بأنه مؤكد للغرض من غسل يوم الجمعة كما عرفت وفيه إشكال نعم الشهرة بينهم لعل أن يكون متمسكا لنا وقضاء إلى آخر السبت يدل عليه الروايتان اللتان أوردناهما للتأييد آنفا في بيان وقت الأداء مرسلة حريز المذكورة في طي دلايل وجوب الغسل وما رواه الشيخ (ره) في زيادات الجزء الثاني من كتاب الصلاة في باب العمل لنية الجمعة وفي الموثق عن ذريح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل هل يقضي غسل الجمعة قال لا لا يصلح للمعارضة وإن كان أوضح سندا منهما لكثرتها واشتهار العمل بها بين الأصحاب وإمكان الجمعة بحمل الرواية الأخيرة على نفي وجوب القضاء أو يقال أن المراد هل للرجل أن يؤخر غسل الجمعة حتى يصير قضاء والله أعلم واعلم إن ظاهر إطلاق العبارة استحباب القضاء للفوات مطلقا سواء كان بعمد أو نسيان أو علة أو غير ذلك كما هو ظاهر عبارة المبسوط والنهاية والصدوق (ره) في الفقيه خصص الحكم حيث قال ومن نسي الغسل أو فاته لعلة فليغتسل بعد العصر أو يوم السبت والظاهر عدم التخصيص لاطلاق
(٤٢)