مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٤٦
تعمد الترك بل ظاهره إن الغسل بسبب احتراق كل القرص ولا بعد فيه لجواز أن يجب أو يستحب الغسل بسبب الكسوف لأنه محل الفزع إلى الله تعالى واللجاء إليه فلا يبعد حسن التطهر وعلى هذا يبعد القول باستحباب الغسل للكسوف للرواية مع صحة سندها إن لم نقل بالوجوب لعدم ظهورها فيه وعدم قول من الأصحاب ولا تظنن إن القول بالاستحباب أيضا أحداث قول جديد لما سيظهر من الكلام الذي نقله عن العلامة (ره) في المختلف من وجود القول به لكن يخدشه جواز حملها على العهد إذ يجوز أن يكون الغسل لقضاء الكسوف دونه معلوما شايعا بينهم فيكون قوله (عليه السلام) وغسل الكسوف إشارة إليه وقوله إذا احترق إلى بيان اشتراطه باستيعاب الاحتراق لا يقال صرف الكلام عن الظاهر بمجرد الاحتمال غير جايز وإلا لارتفع الأمان عن الظواهر لان هذا الاحتمال ظاهر لشيوع ذلك الغسل للقضاء بينهم وورود الروايات فيه هذا واحتج العلامة (ره) في المختلف على الاستحباب بأصالة البراءة وقوله (عليه السلام) من فاتته صلاة فليصلها كما فاتته وكما لا يجب في الأداء الغسل بل هو مستحب كذلك للقضاء ولحديث سعد عن الصادق (عليه السلام) المنقول سابقا من أن الأغسال أربعة عشر واحد فريضة والباقي سنة والجواب عن الثاني إن غاية ما يستفاد من الخبر أن صلاة القضاء يجب أن يكون مثل الأداء فيما هو داخل في حقيقة الصلاة وأما في الأمور الخارجة فلا وعن الثالث بما مر من أن السنة لا ظهور لها في الاستحباب وعلى تقدير الظهور أيضا نقول إن الحمل عليه مستلزم للتخصيص البتة لوجوب بعض الأغسال الأخر اتفاقا والتخصيص لا رجحان له على المجاز فلم لم يجوز فيها بحملها على المعنى الثابت بالسنة مثلا وأما أصل البراءة فإنما يتمسك به إذا لم يكن مخرج عن الأصل وقد ذكرنا ما هو المخرج لكن لا يخفى أن الكلام في صلاحيته للاخراج لان مرسلة الصدوق (ره) وإن كانت معتبره بحكمه (ره) بصحة جميع ما في الكتاب وإنه حجة فيما بينه وبين الله تعالى خصوصا مع اعتضادها بالمرسلة الأخرى وتأييدها في الجملة بالصحيحة الأخرى لكنها ليست مما لم يناقش فيه ولم يكن للكلام فيه مجال كما لا يخفى خصوصا مع عدم اشتهار العمل بين الأصحاب ومع هذا كله ظهور الدلالة على الوجوب أيضا ظهورا يصلح للاعتماد غير ظاهر وما ذكرنا سابقا من وجه الظهور ليس مما يسكن إليه ويعتمد عليه فأذن الحكم بالوجوب مشكل فينبغي إبقاء الأصل على حاله لكن لا بد من الاحتياط التام فيه وعدم الترك مهما أمكن لان الخطب أعظم من ذلك وقد ظهر في طي ما ذكرنا إن كلام المفيد والمرتضى (ره) لو حملا على ظاهرهما وجعلا قولا ثالثا لكان هو مما لا دليل عليه لان الروايات المذكورة الحكم في اثنين منهما مقيد بالاستيعاب صريحا وفي الأخرى أيضا لا بد من التقييد لما ذكرنا وقد يقال أنه يمكن حمل الرواية على ظاهرها والجمع بينها وبين ما يدل على عدم القضاء في صورة عدم الاستيعاب بأن يحمل قوله (عليه لسلام) وإن لم يستيقظ على أن في صورة عدم العلم بالانكشاف و يجب القضاء في الجملة وهو حال الاستيعاب لا أنه يجب القضاء في جميع أفراده بخلاف الغسل إذ لم يجب أصلا ويخلو من بعد أو يحمل الامر بالقضاء مطلقا على نفي الاستحباب وما يدل على نفي القضاء في صورة عدم الاستيعاب على نفي الوجوب وهذا موقوف على وجود القول بالاستحباب لئلا يكون خلافا للاجماع وأما على مذهب المفيد (ره) من وجوب القضاء مع احتراق البعض؟ فلا إشكال ولا يخفى عليك أن المطلق وإن لم يجب حمله على المقيد في مثل هذا المقام لكن لا شك إن التقييد في الروايتين المذكورتين إنما يضعف الظن بإطلاق هذه الرواية خصوصا مع وجود المعارض للاطلاق والاحتياج إلى ارتكاب مثل التوجيهين المذكورين مع ما فيهما من الخدشة وخصوصا مع العمل بمفهوم الشرط فالأولى الاقتصار في الحكم بالاستحباب على صورة الاستيعاب فإن قلت قول المفيد (ره) والمرتضى (ره) بالاستحباب يكفي في الحكم به لدلالة حسنة من سمع شيئا المتقدمة قلت الحكم بالاستحباب وإن كان يكتفي فيه بأدنى مستند لكن الظاهر أنه لا بد أن يكون مستندا إلى رواية من أصحاب العصمة وظهور دلالة الرواية مع عدم العلم بوضعها وأما قول بعض العلماء بالاستحباب الظاهر أنه من الاجتهاد المظنون الخطأ فلا عبرة به وكذا الشهرة التي يظن أنها ناشية من الاجتهاد ومع ظن خطأه هذا واستقرب العلامة في النهاية استحبابه لجاهل وجوب الصلاة أيضا وفيه إشكال إذ لا ظهور للروايتين في شمول الحكم له مع وجود النسخة المذكور الظاهرة في المتعمد وكون حكمه حكم المتعمد في بعض الصور لا يستلزم الكلية (والتوبة) مستندها ما رواه الشيخ في التهذيب في باب الأغسال قال روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) إن رجلا جاء إليه فقال أن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال (عليه السلام) لا تفعل فقال والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع إسماعه بأذني فقال الصادق (عليه السلام) تالله أنت أما سمعت الله يقول أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فقال الرجل كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عز وجل من عربي ولا عجمي لا جرم وأني قد تركتها فأنى استغفر الله تعالى فقال له الصادق (عليه السلام) قم واغتسل وصل ما بدا لك فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما أسوء حالك لو مت على ذلك استغفر الله وأسئله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا وهذه الرواية في أواخر كتاب اشتريته وفي الكافي أيضا في باب الغناء مسندة وفي الفقيه أيضا في باب علة الأغسال مرسلة ثم إن بعض الأصحاب كالعلامة (ره) في القواعد قال باستحباب الغسل للتوبة عن فسق أو كفر وقال شارحه المحقق (ره) لا فرق في الفسق بين كونه عن صغيرة أو كبيرة وعن المفيد (ره) التقييد بالكبائر والخبر يدفعه انتهى وفيه نظر لأن الظاهر أن الخبر هو الذي ذكرناه دون غيره
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336