يخفى أن حسنة من سمع شيئا من الثواب يكفي في هذا المقام ولا حاجة إلى الشهرة وصحة المستند والاحرام والطواف ورمى الجمار وسيجئ إنشاء الله تعالى مفصلا في كتاب الحج (والسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاث عمدا) قال الصدوق (ره) في الفقيه وروى أن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة ونقل عن أبي الصلاح القول بالوجوب ويمكن أن يكون مذهب الصدوق أيضا لان أكثر ما يرويه في هذا الكتاب مذهب له ويعول عليه ولم يحصل الاطلاع على رواية أخرى في هذا الباب وبمجرد هذه الرواية الحكم بالوجوب ضعيف نعم القول بالاستحباب لا بأس به للرواية والشهرة ثم أن الظاهر أن مجرد السعي لا يكفي في الاستحباب كما هو ظاهر عبارة المتن وفي بعض عبارات الأصحاب بل يتوقف على الرؤية كما يدل عليه الرواية المذكورة وأنه لا فرق بين من صلب بحق أو ظلم وبين من صلب على الهيئة المعتبرة شرعا وغيره لاطلاق الرواية وعدم المخصص إلا أن المصلوب في عرف الشرع حقيقة في المصلوب حقا على الهيئة الشرعية ولا يخلو من بعد لأصالة عدم النقل (وزيارة النبي (صلى الله عليه وآله) أو أحد الأئمة (عليه السلام) الأخبار الواردة في استحباب الغسل لزيارتهم (عليه السلام) عليهم السلام كثيرة ذكرها القوم في بيان كيفية زيارتهم وأما الزيارة ويوم الزيارة الواقعتين في الروايات المتقدمة فالظاهر أن المراد منهما زيارة البيت أي الطواف بقرينة المقام والاستسقاء مستندة ما مر من قوله (عليه السلام) وغسل الاستسقاء واجب والوجوب محمول على تأكد الاستحباب للأصل والقرينة والاتفاق كما مر مرارا ودخول الكعبة (ومكة والحرم والمدينة ومسجديهما) قد مر ما يدل على جميع ذلك سوى المسجد الحرام إلا أن يحمل البيت الحرام الواقع في رواية محمد بن مسلم المتقدمة على المسجد دون الكعبة أو يقال أن الغسل لدخول المسجد هو بعينه الغسل للزيارة أي الطواف وسيجئ بعض الروايات الأخر في هذه الأبواب في مبحث الحج إنشاء الله تعالى (ولصلاة الحاجة والاستخارة) قيل ليس المراد أي صلاة اقترحها المكلف لاحد الامرين بل المراد بذلك ما نقله الأصحاب عن الأئمة (عليه السلام) وله مظان فليطلب منها انتهى ولا يخفى أن هذا في صلاة الحاجة موجه لان الغسل عبارة متوقفة على الاذن ولا إذن فيه لصلاة الحاجة عموما فليقتصر على موضع الاذن أما صلاة الاستخارة فلا لاطلاق ما مر من أن غسل الاستخارة مستحب وحمله على العهد بعيد بل الظاهر أن لا يقيد بصلاة الاستخارة أيضا بل يقال باستحبابه للاستخارة مطلقا وعلى هذا يمكن أن يجعل الاستخارة معطوفة على صلاة الحاج لا الحاجة (والمولد حين يولد) قال ابن حمزة بوجوبه لما في رواية سماعة المتقدمة من لفظ الوجوب وجوابه قد مر مرارا نعم الاستحباب ظاهرا والكسوف المستوعب مع تعمد الترك اختلف الأصحاب في هذه المسألة فالسيد المرتضى (ره) في المسائل المصرية الثالثة وأبو الصلاح وسلار وذهبوا إلى وجوبه كما ذكره العلامة (ره) في المختلف وقال المفيد (ره) في المقنعة وغسل قاضي صلاة الكسوف لتركه إياها متعمدا سنة ولم يتعرض للاستيعاب والظاهر أن مراده استحباب الغسل عند الاستيعاب لنقل الاجماع على عدم الاستحباب بدونه كما في ظاهر السرائر لكن كلام المحقق في المعتبر يشعر بخلافه حيث قال واختلف الأصحاب في غسل قاضي الكسوف فقال الشيخ باستحبابه إذا احترق القرص كله وترك الصلاة متعمدا واقتصر المفيد وعلم الهدى على تركها متعمدا انتهى وكان المرتضى (ره) قال بالاستحباب في غير المسايل المصرية وهو اختيار ابن البراج وابن إدريس كما ذكر في المختلف وذكر فيه أيضا وللشيخ قولان كالمذهبين ففي النهاية و الجمل والخلاف يجب القضاء مع الغسل وفي موضع من الجمل أنه يستحب ولم يتعرض في المبسوط لوجوبه بل قال يقضيها مع الغسل وكذا قال ابن بابويه ولم يتعرض ابن أبي عقيل لهذا الغسل بوجوب ولا استحباب انتهى وكأنه (ره) لم يراجع مبحث الأغسال في المبسوط لأنه قد صرح فيه باستحباب الغسل قال (ره) في طي تعداد الأغسال المندوبة وغسل قاضي صلاة الكسوف إذا احترق القرص كله وتركها متعمدا وحجة القول بالوجوب روايات منها ما رواه في الفقيه في باب علة الأغسال مرسلا عن الباقر (عليه السلام) في أثناء الخبر الذي قدمناه سابقا وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك أن تغتسل وتقضي الصلاة ومنها ما رواه في التهذيب في باب الأغسال عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غدو ليقضي الصلاة وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل وروى هذه الرواية في باب صلاة الكسوف أيضا بأدنى تغيير حيث فيه موضع ولم يصل فكسل أن يصلي وهذه الرواية وإن كانت مطلقة غير مقيدة بالاستيعاب لكن يجب تقيدها به لدلالة بعض الروايات على عدم القضاء في الترك بغير عمدا إذا لم يستوعب الاحتراق والروايتان وإن كانتا مختصتين بالقمر صريحا وظاهرا وبالترك بعد الاستيقاظ لكن لم يعتبر التخصيصان اتفاقا كما هو الظاهر وأجيب عنهما بالطعن في السند للارسال وبمنع الدلالة على الوجوب وفيه إشكال لان ظاهر عليك وإن لم يكن للوجوب لكن مع انضمامه بالصلاة التي هي واجبة كأنه ظاهر فيه والامر في الحديث الثاني أيضا أمره كذلك من حيث اقترانه بالأصل بالصلاة ومنها ما رواه في التهذيب أيضا في باب الأغسال في آخر الحديث المنقول سابقا عن محمد بن مسلم وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل والرواية وإن كانت صحيحة السند لكن دلالتها على المطلب قاصرة إذ ليس فيها إن الغسل للقضاء ومع
(٤٥)