مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٧
لأنه إذا كان الوضوء الواجب بنية هذه الأمور لا يرفع الحدث فكذا المندوب وإذا لم يرفع الحدث لم يبح الصلاة لان بناء حكمهم بإباحة الصلاة إنما هو رفعه للحدث إلا بأن يأول بأن الوضوء لهذه الأمور بدون نية الرفع أو الاستباحة لمشروط بالطهارة لا يصح لا أنه يصح ولا يبيح فلا يكون مخالفا للاجماع إذ الاجماع إنما هو على إباحة الوضوء المندوب إذا كان صحيحا وسيجئ لهذا زيادة بسط في مبحث النية إنشاء الله تعالى وكلام العلامة (ره) في التذكرة أيضا يدل ظاهرا على الاجماع حيث قال يجوز أن يصلي بوضوء واحد جميع الصلوات فرايضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا أو نفلا وسواء توضأ لنافلة أو فريضة قبل الوقت أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف كالمستحاضة فقولان انتهى ونسب الخلاف فيه إلى بعض الظاهر به لكن قوله سواء توضأ لنافلة أو فريضة مما يوهم أن الاجماع إنما هو في الوضوء للصلاة المندوبة ويؤيده أيضا المنتهى ذكر هذا الاتفاق والخلاف من الظاهر به في خصوص الوضوء للصلاة المندوبة والواجبة وكلام الشيخ في المبسوط أيضا يشعر أدنى إشعار بعدم إباحة الوضوء لدخول المساجد مثلا للصلاة وإن كان يمكن أيضا حمله على ما حملنا كلام ابن إدريس (ره) وبالجملة إثبات الاجماع لا يخلو من اشكال ومراعاة الاحتياط يقتضي أن لا يترك الوضوء في الوقت لأجل الصلاة إذا توضأ قبله لما الطهارة مكملة له بل لغير الصلاة المندوبة نعم إذا توضأ في الوقت لهذه الأمور مندوبا ومنعنا حكم القول بمنعه كما سيجئ إنشاء الله تعالى لكان الاجتزاء به لا يخلو عن قوة لصدق الامتثال ظاهر أو عدم الاحتياط إلى قصد الوجوب والندب في النية ومنع استحالة اجتماعهما وكذا الاجتزاء به في الصلاة الواجبة غير اليومية إذ ليس ما يدل على عموم وجوب الوضوء لها لجواز كون اللام في الآية للعهد ويكون المراد اليومية لتبادرها وتعارفها والعمومات الدالة على أن لا صلاة إلا بطهور لا ينافيه لان غاية أما يستفاد منها أنه لا بد في الصلاة من الطهور وهذا أيضا طهور وعلى تقدير الامر العام بالوضوء أيضا وجوبا حديث صدق الامتثال بحاله هذا ثم إن السيد الفاضل صاحب المدارك بعد أن زيف الاستدلال على هذا المطلب بأنه متى شرع الوضوء كان رافعا للحدث إذ لا معنى لصحة الوضوء إلا ذلك ومتى ثبت ارتفاع الحدث انتفى وجوب الوضوء قطعا بما يستفاد مما ذكرها سابقا من جواز أن يكون الغرض من الوضوء وقوع تلك الغاية المترتبة عليه عقيبه وإن لم يكن رافعا كما في الأغسال المندوبة عند الأكثر قال والأجود الاستدلال عليه بعموم ما دل عليها من الوضوء لا ينقض إلا بالحدث كقوله (عليه السلام) في صحيحة إسحاق بن عبد الله الأشعري لا ينقض الوضوء إلا حدث وفي صحيحة زرارة لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك والنوم وغير ذلك من الأخبار الكثيرة ويؤيده ما رواه عبد الله بن بكير في الموثق عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا استيقنت إنك أحدثت فتوضأ وإياك إن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن إنك قد أحدثت انتهى كلامه (ره) وفيه نظرا ما أولا فلان نقض الوضوء عبارة عن رفع حكمه ونسخ أثره المترتب عليه فمقتضى الروايتين الأوليين على هذا أن الأثر المترتب على الوضوء لا يرتفع إلا بالحدث وإذا اعترف هو نفسه بأن أثر الوضوء في هذه المواضع يجوز أن يكون وقع تلك الغايات المترتبة عليه عقيبه وإن لم يقع رافعا كما نقلنا آنفا فلم يبق فيها دلالة على ما ادعاه أصلا توضيحه إن حاصل ما استدل به (ره) أن مقتضى الروايات الكثيرة عدم انتقاض الوضوء إلا بالحدث فمتى لم يقع حدث فالوضوء باق بحاله فيقرر حكمه فيجوز الدخول به في الصلاة الواجبة والايراد عليه بأن تقرير حكم الوضوء وبقائه بحاله لا يستلزم استباحة الدخول به في الصلاة لأنك اعترفت آنفا بأن حكم الوضوء في هذه المواضع يجوز أن يكون غير رفع الحدث ومتى لم يرتفع الحدث لم يستبح الدخول في الصلاة فيحقق هذا الحكم ويقرره لا فائدة له أصلا نعم لو ثبت أن حكمه رفع الحدث لكان كما ذكره وحينئذ لا حاجة إلى التطويل ويرجع إلى الدليل الذي زيفه فإن قلت لا ضير في تجويز كون أثر الوضوء في هذه المواضع وقوع غايته عقيبه ومنع كونه رفع الحدث إذ به أيضا يتم ما ادعاه لان حاصل الاستدلال أنه إذا ثبت أن الحدث ينقض الوضوء فلو لم يكن الوضوء في هذه المواضع رافعا للحدث لكان الحدث السابق باقيا بحاله فينقض الوضوء ويرفع أثره الذي وقوع غايته عقيبه فيصير عبثا قلت لا دلالة في الروايتين إلا على أن الحدث ينقض الوضوء في الجملة لا أن كل حدث ينقض الوضوء وهو (ذا) فحينئذ يجوز أن يكون الحدث اللاحق ناقضا للوضوء لوروده على الوضوء دون السابق لورود الوضوء عليه ونظيره مما يرد عليه ونظيره مما يرد في الأحكام الشرعية مثل تنجيس الماء القليل لورود النجاسة عليه لا وروده عليها كما قيل على أنك قد عرفت منع ثبوت صفة مسماة بالحدث يكون أثرا من البول والغايط ونحوهما وحينئذ فما في الروايات نقض تلك الأشياء للوضوء لا أثرها فانتقض الدليل وأما ثانيا فلان الرواية التي أوردها للتأييد إنما يصلح له لو كان المراد منها أنه إذا استيقنت إنك أحدثت توضأ ولا تتوضأ بعد ذلك الوضوء إلا إذا أحدثت وهو ممنوع بل يجوز أن يكون المراد إنك إذا استيقنت بالحدث توضأ ولا تتوضأ أبدا بدون اليقين بالحدث فيكون منطوق الجزء الأخير مفهوم الجزء الأول و حاصله المنع من التوضأ بسبب الشك وهذا أظهر من الأول كما يشهد به الوجدان فإن قلت لا حاجة إلى حمله على المعنى الأول حتى يكون مؤيدا بل على هذا المعنى أيضا يصلح للتأييد لأنه إذا نهى عن الوضوء بدون يقين الحدث ولا شك أن فيما نحن فيه لا يقين به لجواز أن يكون الوضوء السابق وأفعاله فلا يجوز الوضوء
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336