غير المنهي عنه وإلا لزم التكليف بالضدين وأما الكبرى فظاهرة ومن صور النزاع ما ولغ فيه الكلب وقد نهى عن استعماله رواه في الصحيح الفضل أبو العباس عن الصادق عليه السلام وسئلته عن أشياء حتى انتهى إلى الكلب قال رجس نجس لا يتوضأ بفضله وأصبب ذلك الماء والتقريب ما تقدم لا يقال هذا لا يدل على المطلوب لاختصاصه بالعالم فإن النهي مختص به لأنا نقول لا نسلم الاختصاص فإنه إذا كان نجسا لم يكن مطهرا لغيره وما رواه معاوية في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول لا تغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر إلا تنتن فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وهذا مطلق سواء سبقه العلم أو لا ولأن الماء نجاسة عينية حقيقة فلا يزيل النجاسة الحكمية وهمية وهو الحدث انتهى كلامه وفيه نظر أما أولا فلان قوله المأمور به غير المنهي عنه وإلا لزم التكليف بالضدين إن أراد به لزوم التكليف بالضدين متعلقا بشئ مخصوص الذي هو الممتنع فلزومه ممنوع إذ لو فرض إن الامر أمر بالوضوء بالماء مطلقا ونهى عن الوضوء بالماء المتغير فإذا اختار المكلف الوضوء بالماء المتغير وجمع بين الأمر والنهي بأن جعل أمر واحدا فردا لهما فلم يلزم تعلق التكليفين بشئ مخصوص بل التكليفان تعلقا بطبيعتين كليتين لكن جعل المكلف فعلا واحدا جزئيا لهما وإن أراد به مجرد جمعهما في شئ واحد باختيار المكلف فاستحالته ممنوعة لا بد لها من بيان وأما ثانيا فلان ما ذكره في جواب لا يقال مع أنه خارج عن الآداب ظاهرا لان المنع لا يناسب منصب الاستدلال غير موجه لان كون النجس غير مطهر لغيره ممنوع حتى يقوم عليه دليل وبعد إقامة الدليل عليه لا أدري أي حاجة له إلى التمسك بالنهي وإنه يدل على الفساد إذ يكفي أن يقال الطهارة بالماء النجس لا يرفع الحدث فلا يكون مجزيه ويكون الصلاة معها فاسدة بل لا بد حينئذ من إقامة الدليل بهذا النحو إذ لا يستقيم ضم هذه المقدمة إلى المقدمتين اللتين ذكرهما أولا فظهر إنه على هذا تغير الدليل إلى دليل آخر ويصير الدليل الأول فاسدا محضا وأيضا غاية ما يلزم من عدم كون الماء النجس مطهرا لغيره ان يكون طهارته فاسدة في الواقع فيجاب؟
بعد ظهور فسادها إلى طهارة أخرى لما يستقبل واما إعادة الصلاة التي صليها بها فلا إذ لا يلزم شئ على المكلف الا باعتبار التكليف والتكليف بالصلاة أي وقت كان قد علمت أنه لا يقتضي الا الاتيان بها مقترنا بظن تحقق شرايطها أو الجزم به مرة واحدة وقد حصل ذلك بالفرض والآتيان به مرة أخرى لابد له من تكليف آخر وليس وأما ثالثا فلان ظهور عموم صحيحة معاوية محل كلام كيف وليس فيها حكاية الطهارة بماء البئر المنتنة ويحتمل باطلاقها ملاقاته للثوب أو البدن فقط والحكم بالإعادة حينئذ مطلقا اي في الوقت وخارجه ومع سبق العلم وبدونه ليس بصحيح لا في الواقع كما سيجئ ولا على مذهب العلامة (ره) أيضا فليحمل الرواية على وجه يصح في صورة الطهارة وعدمها ولعله أولى من أن يحمل على العموم في بعض الصور والخصوص في بعضها وبالجملة الحكم بظهور العموم في خصوص الطهارة والعمل به مع مخالفته للأصل مشكل جدا سيما مع شيوع استعمال الامر في الاستحباب في أحاديثنا على أنه ليس بلفظ الامر أيضا بل بلفظ الخبر وأما رابعا فلان دليله الأخير يرجع إلى ما ذكره في جواب لا يقال وقد عرفت ما فيه فلا نعيده هذا وقال المصنف (ره) في الذكرى يحرم استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة مطلقا لعدم التقرب بالنجاسة فيعيدها مطلقا وما صلاه ولو خرج الوقت لبقاء الحدث انتهى ولعل مراده الدليل الأخير للعلامة وفيه ما فيه وقد يستدل أيضا على مطلوبهم بأن الصلاة والطهارة ونحوهما موضوعة للمعان النفس الامرية كجميع الألفاظ والعلم والظن خارجان عن موضوعهما نعم يعتبر العلم أو الظن في تحقق الامتثال بمعنى انه إذا صدر امر بالطهارة بالماء الطاهر مثلا فالمأمور به الطهارة بالماء الطاهر الواقعي البتة لكن يقال إنه هل يجب في الامتثال تحصيل العلم بحصول المأمور به أو يكفي الظن لا ان المأمور به يكون الطهارة بالماء المظنون الطهارة أو معلومها مثلا وهو ظاهر وحينئذ نقول إذا امر بالصلاة والطهارة بالماء الطاهر فقد ظهر ان المأمور به ماذا وفي الفرض المذكور ظاهر انه لم يحصل ذلك المأمور به وان سلم تحقق الامتثال على ما ذكرتم وقد ورد مستفيضا ان من فاتته الصلاة فليقضها كما فاتته فيجب قضاء تلك الصلاة إذ يصدق عليها الفوات لما بينا من عدم حصولها وإذا ثبت وجوب القضاء في خارج الوقت ثبت وجوب الإعادة في الوقت أيضا والا لزم خرق الاجماع المركب فقد ثبت المدعى بتمامه وفيه أيضا نظر اما أولا فلان الصلاة اسم للأفعال المخصوصة والطهارة خارجة عنها وكذا الصحة والبطلان لأنها يطلق على الصلاة الفاسدة أيضا في الشرع كصلاة الحايض ونحوها وفي الفرض المذكور لم تفت تلك الأفعال وأما ثانيا فنسلم ان الطهارة داخلة فيها لما ورد ان الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور الخ لكن الطهارة أيضا ليست الا الافعال المخصوصة التي ليست طهارة الماء من اجزائها بل قد علم من خارج انها من شرايط صحتها والصحة والفساد قد علمت انهما خارجان من مدلولات الألفاظ وحينئذ ففي الفرض المذكور لم يصدق فوات الطهارة أيضا وأما ثالثا فنسلم ان المأمور به هو الطهارة بالماء الطاهر لكن لا نسلم انه إذا صدر من مكلف ما يحصل به امتثال تكليف وان لم يكن ذلك المكلف به في الواقع ان يصدق عليه في العرف انه فاته ذلك المكلف به وان يصدق لغة ويمكن ان يستدل أيضا بالروايات الكثيرة الصحيحة والحسنة وغيرها المتضمنة لان من صلى على غير طهور فليقضها على ما سنوردها انشاء الله تعالى في باب القضاء بل بصحيحة سليمان المنقولة آنفا أيضا لان أولها وإن لم يشمل الجاهل ظاهرا كما ذكرنا لكن آخرها حيث قال عليه السلام إذا صلى جنبا أو على غير وضوء إلى آخره يشمله ظاهرا والعبرة به لا بما يقتضيه السؤال لان تخصيص السبب لا يقتضي تخصيص الحكم على ما تقرر والايراد عليه أيضا بمثل ما ذكرنا من منع كونه على غير طهور في الفرض المذكور وبالجملة اثبات وجوب الإعادة في الوقت والقضاء خارجه في صورة الجهل وان كان يورد عليه بعض المناقشات لكن الاحتياط يقتضي بالإعادة والقضاء قضاء مبرما لان دليله من القوة والاعتماد بمكان كما عرفت فلا يترك مهما أمكن وأما ما ذهب إليه الشيخ (ره) في المبسوط والنهاية في خصوص مسئلتنا هذه اي في الطهارة بالماء النجس من إعادة العالم والناسي مطلقا والجاهل في الوقت دون خارجه وكذا ابن البراج على ما نقلنا عنه من المختلف فالدليل على جزئه الأول الذي وافقناهما عليه قد وقفت عليه واما جزئه الآخر الذي يخالفنا ويخالف ما ذهب إليه العلامة والمصنف فلم نطلع له على دليل ولعلهما قاسا الطهارة على النجاسة وسيجئ فيها من الروايات ما لعلهما يتمسكان به وأما ظاهر ما ذهب إليه ابن الجنيد في أحد موضعي كتابه من الإعادة في الوقت دون