مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
مر إن التمسك بالاستصحاب في أمثال ما نحن فيه مشكل إذ ثبوت أصل النجاسة فيه بالاجماع وهو مفقود في هذه الصورة فيصير بمنزلة المتيمم الواجد للماء في أثناء الصلاة وفيه أيضا كلام آخر وهو إنه كما يحكم باستصحاب النجاسة في المضاف يجب أن يحكم باستصحاب الطهارة أيضا في المطلق بل فيه أولى لوجود أدلة أخرى أيضا دالة عليه سوى أصل الاستصحاب من الروايات الدالة على طهارته ما لم يتغير بالنجاسة وحينئذ نقول مقتضي الاستصحابين أن يحكم ببقاء المضاف على نجاسته المطلق على طهارته فإذا أدخل اليد مثلا في هذا الماء فإن علم بملاقاة الاجزاء المضافة أيضا يحكم بنجاسة اليد وإلا فيبني على أصل الطهارة ولا يذهب عليك إنه على هذا يمكن أن يستدل على طهارة الجميع بأن الظاهر تحقق الاجماع على أن هذا الماء له حكم واحد ولا اختلاف لاجزائه في الحكم ولا ترجيح لتغليب أحد الاستصحابين على الاخر فيحكم بتساقطهما ويبني الحكم على أصالة الطهارة في جميع الأشياء سميا في الماء وأصالة حل التناول وحصول الامتثال باستعماله في الأوامر الواردة بالتطهير بالماء لكن في تحقق الاجماع المذكور للمنع مجال وحجة المنتهى والقواعد إن بلوغ الكرية سبب لعدم الانفعال دون التغير بالنجاسة فلا يؤثر المضاف في تنجيسه باستهلاكه إياه لقيام السبب المانع وليس ثمة عين نجسة يشار إليها يقتضي التنجيس وأجيب عنه بأن بلوغ الكرية وصف الماء المطلق فإنما يكون سببا لعدم الانفعال مع وجود موصوفه ومع استهلاك المضاف للمطلق وقهره إياه يخرج عن الاسم فيزول الوصف الذي هو السبب لعدم الانفعال فينفعل حينئذ ولو بالمتنجس ولا يخفى إن هذا الجواب إنما يتم لو تمسك باستصحاب نجاسته إن غاية ما ذكر في الجواب أن الماء المطلق بعد صيرورته مضافا لما ينجس بملاقاة النجاسة لكن الشأن في أنه حينئذ أين النجس الذي ينجسه المضاف وقد عرفت عدم تماميته إذ الاجماع فيما نحن فيه أيضا مفقود بيانه إذ المضاف الذي كان نجسا قبل الاختلاط لم يعلم نجاسته حينئذ أيضا إذ نجاسته قبل الاختلاط بالاجماع ولا إجماع فيما نحن فيه لتحقق الخلاف في طهارته نعم لو ثبت حجية الاستصحاب فيما نحن فيه أيضا وسلم شمول روايات عدم جواز نقض اليقين بالشك له لكان الامر كما ذكر إذ نجاسته المستصحبة تبقى إلى صيرورة المطلق مضافا وحينئذ ينجس به والمحقق الشيخ علي (ره) قال في شرح القواعد عند نقل هذا القول من مصنفه وهو مشكل لان طهارة النجس متوقفة على شيوع الماء الطاهر في جميع أجزائه واختلاطها به وذلك غير معلوم على أنه بالشيوع يفضل أجزاء المطلق بعضها عن بعض فيزول وصف الكثرة فينجس بالملاقاة انتهى وفيه إن التوقف على الشيوع ممنوع إلا أن يتمسك بالاستصحاب وأيضا لو تم هذا لزم أن لا يطهر بعد سلب الإضافة أيضا إذ شيوع الماء في جميع أجزائه ممنوع لامتناع التداخل ولو اكتفى بجميع الاجزاء في العرف فذلك غير معلوم كما ذكره إلا أن يقال معلومية الشيوع في جميع الأجزاء عرفا معلوم بديهة وإنما كان منعه (ره) بناء على أن شيوع الماء الطاهر غير معلوم إذ طهارته إنما يكون بعدم صيرورته مضافا وهو غير معلوم أو يقال إنه يسلم عدم المعلومية في صورة سلب الإضافة أيضا لكنه أخرجت بالاجماع بخلاف ما نحن فيه وما ذكره من العلاوة وأيضا منقوض بصورة سلب الإضافة إلا أن يجاب بمثل ما ذكرنا آنفا ثم إنهم ذكروا إن موضع النزاع ما إذا أخذ المضاف النجس وألقى في المطلق فسلبه الاطلاق أما إذا انعكس الفرض فوجب الحكم بعدم الطهارة هنا جزما لان مكان المضاف متنجس به وما لم يصر مطلقا لا يطهره وملاقاته له مستمرة فيرده إلى النجاسة لو فرضنا طهارته وحجة القول الأخير أما على اشتراط بقاء الاطلاق فهو إن المضاف يتوقف طهره على شيوعه في المطلق بحيث يستهلك وهذا لا يتم بدون بقاء المطلق على إطلاقه وإذا لم يحصل الطهارة للمضاف وصار المطلق بخروجه عن الاسم قابلا للانفعال فلا جرم ينجس الجميع وأما على عدم تأثير تغير أحد الأوصاف به فإن الأصل في الماء الطهارة والدليل إنما دل على نجاسته مع التغير بالنجاسة ولم يحصل إذ التغير إنما هو بالمتنجس وبينهما فرق واضح وللنظر في دليله الأول مجال إلا أن يتمسك بالاستصحاب كما ذكرنا والدليل الثاني متجه لكن إنما يدل على عدم نجاسة المطلق وأما طهارة المضاف فلا بد لها من ضميمة إن الجميع له حكم واحد إجماعا وقد ثبت أن جزئه المطلق طاهر فجزئه الاخر أيضا كذلك ويرد عليه إن طهارة جزء المطلق بالاستصحاب وقد تعارضه استصحاب نجاسة جزء الاخر إلا أن يجاب بتعارض الاستصحابين وتساقطهما وبناء الحكم على أصل الطهارة والحل وحصول الامتثال كما ذكرنا سابقا وبما قررنا ظهر أن القوة مع القول الثاني لعدم تمامية الاستصحاب مع أن الأصل الطهارة لكن الاحتياط في الثالث وتمامه في الأول لكن في بعض الأوقات كما لا يخفى ثم إن ما ذكره في المبسوط من الزيادة على الكر لم نطلع له على مستند وكأنه من باب التساهل كما ذكرنا أو لان قدر الكر لا ينفك غالبا عن تغير أحد أوصاف جزء ما منه فينقص عن الكرية فينجس البتة فلا بد من الزيادة عليه بقدر ما يبقى كرا غير متغير واعلم إنه لم يفهم من كلام المبسوط إنه إذا لم يتغير أحد أوصاف المطلق لكن بقي المضاف ممتازا ولم يسلب عنه الإضافة زالت أوصافه أولا فما حكمه وكذا لم يعلم على القول الثالث إن حكمه مع الامتياز وعدم سلب الإضافة ما إذا وإن كان حجتهم المتضمنة للاستهلاك ويشعر بعدم طهارته ولم يعلم على القول الثاني أيضا إنه هل يكفي اتصال المضاف بالمطلق كما يشعر به عبارة الذكرى أو لابد من الامتزاج و الاختلاط كما يشعر به بعض عباراتهم كما في هذا الكتاب والاحتياط في الثاني وإن كان إثباته مشكلا ثم اعلم إن المذاهب الثلاثة المذكورة في كلام الشيخ والعلامة على النحو الذي نقلنا على ما صرحا به لكن نقل المصنف (ره) مذهبين منهما في هذا الكتاب والثلاثة في الذكرى حيث قال في بحث نجاسة المضاف وطهره في
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336