مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢١٧
لا أن يكون دليلا عليه وعلى حرمة استعمال الغير المتغير لا بطلانه فافهم وأما كلام الاستبصار فيمكن حمله أيضا على ما حمل التهذيب عليه من القول بعدم النجاسة ووجوب النزح كما يشعر به أوايله حيث خص الكلام بوجوب النزح واستحبابه من دون تعرض للنجاسة وعدمها وحينئذ فرقه بين سبق العلم وعدمه ووجوب الإعادة في الأول دون الثاني كأنه بناء على أنه في صورة العلم يحرم استعماله فيرجع إلى النهي في العبادة إذا توضئ به فيبطل وأما إذا لم يعلم فلا يحرم فلا إعادة لكن ظاهر كلامه في مواضع منه نجاسته منها ما ذكره في بحث وقوع الخمر في البئر ولأن النجاسة معلومة بحصول الخمر فيها إلى غير ذلك إلا أن يرتكب تأويل والله أعلم فلو حمل مذهب الشيخ في الكتابين على ما ذكرنا يصير الأقوال في البئر خمسة ويحتمل سادسا أيضا ولو حمل على ما نسب إليه البعض فالأقوال ستة واحد منها يحتمل وجهين وهو مختار المنتهى والظاهر من جملتها القول بعدم النجاسة مطلقا واستحباب النزح أما عدم النجاسة مطلقا فللأصل والاستصحاب والعمومات المتقدمة في بحث القليل الدالة على عدم نجاسة الماء ما لم يتغير وقد عرفت إن المخصص لها إنما يخصصها في موارد مخصوصة وإنما يتعدى عنها بناء على عدم القول بالفصل وهو لا يجري ها هنا وإن كان كرا فيضم مع ذلك الروايات المستفيضة الدالة على عدم نجاسة الكر بدون التغير كما تقدم ويدل أيضا على أصل الحكم بخصوصه روايات منها ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه من النجاسات والاستبصار في باب البئر يقع فيه ما يغير أحد أوصافه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر إلا أن ينتن فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر واعترض عليه في المعتبر بوجوه الأول إن في سنده حماد وهو مشترك بين الثقة وغيرها الثاني إن لفظ البئر يقع على النابعة والغدير فلعل السؤال عن بئر ماؤها محقون فيكون الأحاديث الدالة على نزح البئر من أعيان المنزوحات مختصة بالنابعة ويكون هذه متناولة لغيرها مما هو محقون الثالث إنه حديث واحد يعارضه كثير والكثرة إمارة الرجحان الرابع أنه يدل بصيغة ما العامة فيما لا يعقل فيكون الترجيح لجانب الأحاديث الدالة على أعيان المنزوحات تقديما للخاص على العام والجواب عن الأول إن ملاحظة الراوي والمروي عنه يورث الظن القوي بأنه حماد بن عيسى الثقة لتكرر مثل هذا السند مع التصريح فيه بابن عيسى والدلايل الرجالية مما لا يزيد على هذا وعن الثاني إن لفظ البئر حقيقة في النابعة للتبادر ولذا يحمل الاحكام الواردة فيه كلها عليا ولو سلم إطلاقه على غير النابعة أيضا فلا شك إن النابعة أشهر فرديها فحينئذ إطلاق القول وعدم التفصيل مع كون المراد الفرد الغير المشهور بعيد جدا وعن الثالث إن كثرة معارضه غير مسلمة إذ الروايات الكثيرة إنما هي في نزح البئر وهو لا يستلزم نجاسته مع أن هذه الرواية أيضا معاضدة بروايات كثيرة كما سنذكرها إنشاء الله تعالى وعن الرابع إن أحاديث النزح من أعيان المنزوحات ليست بمنافية له حتى يحمل عليها حملا للعام على الخاص لما مر من أن النزح لا يستلزم النجاسة لجواز أن يكون الغرض منه طيب الماء وزوال النفرة الحاصلة من وقوع تلك الأعيان فيه أو وجه آخر لا يصل إليه عقولنا وأيضا النزح على مذهبهم إنما هو في جميع النجاسات فحمل هذا الخبر عليها إنما هو بتخصيص ما وقع بالطاهرات ولا يخفى ما فيه من البعد ومنه ما رواه أيضا في البابين المذكورين في الصحيح عن معاوية أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الفارة تقع في البئر فيتوضأ الرجل منها ويصلي وهو لا يعلم أيعيد الصلاة ويغسل ثوبه فقال لا يعيد الصلاة ولا يغسل ثوبه واعترض عليه بجواز أن يخرج حية وفيه بعد ومنها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) فقال ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح منه حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لان له مادة والاستدلال به من وجهين الأول من قوله (عليه السلام) لا يفسده شئ لأن الظاهر من الفساد في هذا المقام التنجس ولو تنزل عن الظهور فيه فلا شك أنه من إفراد الفساد وورود النفي عليه ظاهر في نفي جميع أفراده الثاني من قوله (عليه السلام) فينزح منه إلى آخره إذ على تقدير نجاسته بالملاقاة الظاهر أنه لا يكفي في التطهير عند التغير ذهاب الريح والطعم بل لا بد من استيفاء المقدر إذا كان زايدا عليه ومن نزح الجميع إذا كان مما يجب نزح الجميع منه على رأيهم ولا يخفى ما في هذا الخبر من المبالغات المؤيدة للمطلب من الوصف بالسعة ووجود المادة والتعليل والحصر واعترض عليه في المعتبر بأنه مكاتبة تضعف عن الدلالة وبأنه يحمل الفساد على فساد يوجب التعطيل كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) المؤمن لا يخبث أي لا يصير في نفسه نجسا وكقول الرضا (عليه السلام) ماء الحمام لا يخبث مع أنه يجوز أن العرض له النجاسة وبأنه معارض برواية محمد بن إسماعيل أيضا وسنذكرها إنشاء الله تعالى في ضمن أدلة النجاسة وأجيب عن الأول بأن المكاتبة لا تقصر عن المشافهة مع أخبار العدل وجزمه بأنها من الإمام (عليه السلام) كيف والرسول (صلى الله عليه وآله) قد كان ينفذ رسله في المكاتبات فلو لم يكن حجة لما ساغ مع أنه ليس ما نحن فيه من المكاتبة لأنه جزم بأنه قال (عليه السلام) أنه كتب ورجاع الضمير إلى غير الإمام (عليه السلام) من الرجل المكتوب إليه بعد الظهور أن محمد بن إسماعيل أجل من أن ينقل مثل هذه المسألة عن غيره وأيضا سوق الكلام وقرب المرجع مما يؤيده الرجوع إليه (عليه السلام) وفيه نظر لان قول محمد بن إسماعيل قال من باب الارسال البتة لدلالة سابقة عليه صريحا وظاهر إن مع القرينة على الارسال لا يدل مثل هذا القول على أنه صادر على سبيل الجزم كيف ولو كان كذلك
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336