في صلاته فيتم ما بقي وروى هذه الرواية في باب صلاة المضطر في الزيادات بدون كلمة ثم يرجع ويرد على الروايتين إنه يمكن أن يكون المراد صاحب البطن الذي يمكنه التحفظ بقدر الصلاة إذ لا عموم في اللفظ فحينئذ لو فجائه الحدث فحكمه ذلك وهو غير مورد النزاع وأول العلامة الرواية الثانية بأن المراد بما بقي ما بقي من الصلاة الأخرى لا تتمة الصلاة الأولى ولا يخلو عن بعد ويمكن مثل هذا التأويل البعيد في الرواية الأولى أيضا لا يخفى واحتج أيضا بما رواه التهذيب في أواخر باب كيفية الصلاة في الزيادات في الصحيح عن الفضل بن يسار قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا فقال انصرف ثم توضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة متعمدا وإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت وإن قلب وجهه عن القبلة قال نعم وإن قلب وجهه عن القبلة وهذه الرواية في الفقيه أيضا في الباب المتقدم وهي وإن لم يكن صريحة في المبطون لكن بإطلاقها شاملة له ويرد عليه أيضا مثل ما أوردنا أولا بل يمكن أن يكون المبطون مطلقا خارجا عنها ويكون المراد من حدث له هذه الحالة اتفاقا واعلم أن الخبر لا يدل على خروج الحدث لكنهم حملوه على ما إذا لم يمكن أن يملك نفسه للاجماع كما قيل على أنه بمجرد وجدان الغمر في البطن وشبهه لا يكون الحكم كذلك بل يجب المحافظة ويدل بعض الروايات أيضا على وجوب المحافظة عند إمكان التحفظ مثل ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلي على تلك الحالة أو لا يصلي قال فقال إن احتمل الصبر ولم يخف إعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر وهذه الرواية في الفقيه أيضا في الباب المتقدم وفي الكافي أيضا في باب ما يقطع الصلاة وفي هذه الرواية رخصة في إيقاع الحدث لخوف الاعجال أيضا والظاهر أن الأصحاب لم يقولوا به ويمكن أن يقال أنها ليست ظاهرة في إصابة الغمز في أثناء الصلاة فيجوز أن يكون المراد قبل الصلاة فحينئذ لا ينافي كلام القوم ويمكن أن يحتج أيضا بما رواه التهذيب في آخر باب أحكام السهو في الزيادات عن أبي سعيد القماط قال سمعت رجلا سئل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في صلاة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة قال فقال إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام قال قلت فإن التفت يمينا أو شمالا أو ولى عن القبلة قال نعم كل ذلك واسع إنما هو بمنزلة رجل سهى فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من المكتوبة فإنما عليه أن يبني على صلاته ثم ذكر (عليه السلام) سهو النبي (صلى الله عليه وآله) وفيه بعد القدح في السند ما ذكر في سابقه واعلم إن ما تضمنه هذان الخبران من جواز البناء مع الاستدبار إنما يخالف المشهور بين الأصحاب وسيجئ بسط القول فيه أن شاء الله تعالى في كتاب الصلاة وأيد أيضا بالروايات الدالة على البناء مع سبق الحدث في الطهارة الترابية وفيه إن قياس المائية على الترابية لا وجه له مع أن الترابية لا تقييد فيها بالمبطون فالتقييد في المائية بالمبطون أيضا لا وجه له إلا أن يعمم في المائية أيضا لكن حينئذ يعارض الروايات الدالة على البطلان بالحدث وسيجئ أن شاء الله تعالى مفصلة وأيضا سيجئ إن شاء الله تعالى في بحث التيمم أن الروايات المذكورة يمكن توجيهها بوجه لا نكون دالا على البناء مع الحدث واحتج العلامة (ره) على ما في المختلف بأن الحدث المتكرر لو نقض الطهارة لأبطل الصلاة لان شرط صحة الصلاة استمرار الطهارة واعترض عليه المصنف في الذكرى بأنه مصادرة على المطلب ورد المحقق الشيخ على (ره) بأن الطهارة شرط الصلاة إجماعا والمشروط عدم عند عدم الشرط والحدث مانع اتفاقا لا خلاله بالمشروط وليس في هذا مصادرة بوجه ورد الرد الشهيد الثاني في شرح الارشاد بقوله وهو ضعيف جدا فإن المصادرة نشأت من ادعاء الملازمة بين نقض الطهارة وبطلان الصلاة مع ورود النص الصحيح على فساد هذه الملازمة فلا معنى لدفعها بدعوى الاجماع على أن الطهارة شرط الصلاة مع تخلفها في مواضع كثيرة انتهى ولا يخفى أن هاهنا ليست مصادرة بالمعنى المصطلح إذ مدعى العلامة عدم انتقاض الطهارة في هذه الصورة والدليل هو الخلف الذي يبطل به نقيض المطلوب وهو أنه لو انتقض الطهارة لانتقض الصلاة أيضا وهو باطل فعلى هذا لا مصادرة أصلا نعم يمكن منع الملازمة وإبطالها بالرواية كذا منع الاجماع الذي يثبت به المقدمة الممنوعة إلا أن يتكلف ويقال أن هذه الملازمة بمنزلة أصل الدعوى فمن لم يسلمه لم يسلمها أيضا فلذا تسامح وسماه بالمصادرة ويمكن أن يحتج أيضا بما رواه التهذيب في باب صلاة المضطر في الزيادات في الموثق بابن بكير عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن المبطون فقال يبني على صلاته وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب صلاة الشيخ الكبير ويرد عليه أنه مطلق وما تقدم مقيد فيجب أن يحمل عليه مع أن في لفظ البناء أيضا اشعارا بتخلل الطهارة هذا ما يمكن أن يقال من الجانبين وقد عرفت عدم تماميته لكن يمكن أن يقال الأصل مع العلامة لعدم دليل عام على وجوب الوضوء بعد الحدث مطلقا فإنما يتمسك بالأصل حتى يثبت خلافه لكن الاحتياط أن يتوضأ ويتم وتمام الاحتياط أن يصلي بعد ذلك صلاة أخرى لم يتجدد الوضوء في أثناءها بل يستمر مع الحدث وأما الثاني وهو الذي للمبطون فترة تسع الطهارة والصلاة وتوخي تلك الفترة ففاجأه الحدث في أثناء الصلاة فعلى تقدير كون الخلاف فيه المشهور التطهر والبناء ومختار المختلف التطهر والاستيناف حجة المشهور الروايات المتقدمة في المقام الأول في احتجاج المشهور مع الرواية الأخيرة إلا التي أوردناها للعلامة ويرد على الجميع أنه يمكن أن يكون المراد المبطون الذي لا يتحفظ نفسه بمقدار الطهارة والصلاة وقد تأول الرواية الأولى والأخيرة بأن المراد بالبناء الاستيناف وفيه بعد واحتج العلامة على الاستيناف بأنه يتمكن من فعل الصلاة كملا بطهارة فيجب عليه ما يتمكن
(١٥٥)