المرتضى وابن الجنيد وابن حمزة وابن إدريس والمحقق والعلامة في جملة مركبة على وجوب الغسل بالوطي فيه والشيخ في الاستبصار وظاهر النهاية وكذا ظاهر الصدوق والسلار على عدم الوجوب ويظهر من المبسوط التردد فيه واحتج الموجبون بقوله تعالى وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغايط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا وجه الاستدلال إن التيمم بدل من الغسل والوضوء فلو لم يجب الغسل باللمس مع وجود الماء لما وجب التيمم به مع فقده وفيه إن اللمس غير محمول على حقيقته اتفاقا فلا بد من حمله على المجاز ولا دليل على كونه مجازا عن الوطي في الفرجين معا لم لا يجوز أن يكون مجازا عن الوطي المتعارف أي الوطي في القبل وبأن الدبر فرج إذ الفرج موضع الحدث قبلا كان أو دبرا والجماع في الفرج موجب للغسل بالأحاديث المتقدمة وفيه منع شمول الفرج في العرف للدبر سيما فيما نحن فيه بعد ورود الروايات بالتقاء الختانين وبصحيحة محمد بن مسلم المنقولة آنفا وفيه إنها محموله على التقاء الختانين بقرينة الروايات كما عرفت وبصحيحة زرارة المتقدمة الحاكية عن جمع عمر المهاجرين والأنصار وجه الاستدلال أنه يفهم من كلامه (عليه السلام) أن عند وجوب الحد يجب الغسل والحد يجب في وطي الدبر فيجب الغسل وقد مر ما فيها من الكلام في بحث وجوب الغسل لغيره وبما رواه الاستبصار في باب الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج عن حفص بن سوقه عمن أخبره قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال هو أحد المائين فيه الغسل وفيه أنه ضعيف بالارسال وبأن عدم إيجاب الغسل هنا مع إيجابه عند التقاء الختانين من غير إنزال مما لا يجتمعان والثاني ثابت فينتفي الأول بيان التنافي أن إيلاج الفرج في الفرج المشتهى طبعا بحيث تغيب الحشفة إما أن يكون موجبا للغسل أو لا وأيا ما كان يلزم عدم الاجتماع أما إذا كان موجبا فلان الغسل يجب في صورة النزاع عملا بالمقتضى وأما إذا لم يكن فلان الغسل لا يجب هناك عملا بأصالة براءة الذمة السالمة عن معارض كون الغيبوبة علة للغسل وأما ثبوت الثاني فللروايات والاجماع وجوابه أن المراد بالفرج إما ما هو أعم من القبل والدبر أو القبل فقط فإن كان الأول فنختار الشق الثاني من الترديد المذكور ولا نسلم عدم وجوب الغسل حينئذ عند التقاء الختانين لان أصالة براءة الذمة معارضة بكون الغيبوبة في القبل علة للغسل وإن لم يكن الغيبوبة في القبل علة للغسل وإن لم يكن الغيبوبة في الفرج مطلقا علة للغسل وإن كان الثاني فنختار الأول ولا نسلم وجوب الغسل حينئذ في صورة النزاع لان المقتضي ليس بمتحقق فيه وأما ما يحتج به على عدم الوجوب منضما إلى أصل البراءة فما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أعليها غسل إن هو أنزل ولم تنزل هي قال ليس عليها غسل وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل وهذه الرواية في الفقيه أيضا في باب غسل الجنابة بأدنى تغيير لا يضر بالمقصود وأورد عليه إن الفرج أسم للقبل و الدبر معا لغة وعرفا أما لغة فلانه مأخوذ من الانفراج وأما عرفا فلقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون وأشار بذلك إلى ذكر الرجل وسماه فرجا للمعنى الذي هو الانفراج كذا في المختلف وما رواه أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن البرقي رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما فإن أنزل فعليه الغسل ولا غسل عليها وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب ما يوجب الغسل وأورد عليه أنه ضعيف بالارسال ومعارض برواية حفص المتقدمة وأيضا الاتيان في الدبر أعم من غيبوبة الحشفة وعدمها ولا دلالة للعام على الخاص فيحمل على عدم الغيبوبة لصحة تناول اللفظ له جمعا بين الأدلة وفيه أن التخصيص خلاف الظاهر لا حاجة إلى ارتكابه لما عرفت من عدم دليل على خلافه حتى يحتاج إلى الجمع إلا أن يجعل على عدم الغيبوبة للجمع بينه وبين رواية حفص لأنها تصلح لمعارضته لاشتراكهما في الارسال واحتج أيضا بمفهوم إذا التقا الختانان ورد بضعف حجية المفهوم مع أنه منفي هاهنا بالاجماع فإن الانزال إذا تحقق من غير التقاء وجب الغسل فلو دل على نفي الحكم عما عداه لزم خرق الاجماع وفيه إن خروج بعض ما عداه عن حكم المفهوم بالاجماع لا يستلزم خروج الباقي أيضا مما لا دليل على خروجه نعم يمكن أن يقال عموم المفهوم ممنوع وحينئذ لم يثبت ما ادعوه وبصحيحة عمر بن يزيد ومحمد بن مسلم المتقدمتين في بحث حصول الجنابة بإنزال المني وفيهما أيضا ما في الرواية الأولى هذا ما يمكن أن يستدل به على الجانبين وظهر مما ذكر أن الظاهر بالنظر إلى الأدلة المذكورة عدم وجوب الغسل لان أصل البراءة ليس ما يعارضه كما عرفت لكن قال السيد المرتضى لا أعلم خلافا بين المسلمين أن الوطي في الموضع المكروه من ذكر أو أنثى يجري مجرى الوطي في القبل مع الايقاب وغيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل والمفعول به وإن لم يكن إنزال ولا وجدت في الكتب المصنفة لأصحابنا الامامية إلا ذلك ولا سمعت من عاصرني منهم من شيوخهم نحوا من ستين سنة يفتي إلا بذلك فهذه مسألة إجماع من الكل ولو شئت أن أقول أنه معلوم بالضرورة من دين الرسول (صلى الله عليه وآله) إنه لا خلاف بين الفرجين في هذا الحكم ومع وجود هذا التشديد العظيم من مثل هذا السيد الكبير لا يمكن الاجتراء على القول بعدم الوجوب فالأولى متابعة الأكثرين والاحتياط في إيقاع الحدث بعد ذلك الغسل والتوضي بعده وأما دبر الرجل ففيه أيضا الخلاف كدبر المرأة والسيد المرتضى قايل هاهنا أيضا بالوجوب كما نقلنا وتردد الشيخ في المبسوط والمحقق ذهب هاهنا إلى عدم الوجوب حجة الموجبين وجوه الأول إنكار علي (عليه السلام) على الأنصار كما تقدم وفيه ما تقدم أيضا الثاني أنه إيلاج فرج في دبر مشتهى طبعا فيجب الغسل كدبر المرأة وقبلها ولا يخفى ضعفه الثالث الاجماع المركب فإن كل من قال بوجوبه في دبر المرأة قايل بوجوبه في دبر الرجل وقد ثبت الوجوب في دبر المرأة فثبت في دبر الرجل أيضا هكذا نقلوا عن السيد المرتضى (ره) وأنت خبير بأنه لا حاجة له إلى دعوى الاجماع المركب إذ قد عرفت إنه ادعى الاجماع بل الضرورة على وجوب الغسل في وطي الدبر سواء كان للذكر أو الأنثى إلا أن يكون مراده إقامة دليل آخر على المدعى من غير ما ادعاه من الاجماع المنقول
(١٦١)