وقد بقي في المقام أمر لا بد من التنبيه عليه وهو أن جمعا من الأصحاب رحمهم الله ذكروا ها هنا إن ذا الجبيرة يتوضأ بالنحو المذكور وألحقوا به المجروح والمقروح وإن لم يكن جرحه وقرحه مشدودا ثم ذكروا في بحث التيمم إن من مسوغاته القرح والجرح وما أشبههما ومن ها هنا يحصل الاشتباه والحيرة وكذا الروايات قد اختلفت في هذا الحكم فبعضها يدل على وجوب الغسل على المجروح وبعضها على وجوب التيمم فلا بأس أن نذكر بعض عبارات الأصحاب لينظر في توجيهه وتأويله وكذا الاخبار ليتحقق جلية الحال أما العبارات فمنها ما ذكره الشيخ في المبسوط قال فيه في بحث الوضوء وإن كان على أعضاء الوضوء جبايرا وجرح وما أشبهها وكانت عليه خرقة مشدودة فإن أمكنه نزعها نزعها وإن لم يمكنه مسح على الجباير سواء وضعت على طهر أو غير طهر والأحوط أن يستغرق جميعه وقال أيضا ومتى أمكنه غسل بعض الأعضاء وتعذر في الباقي غسل ما يمكنه غسله ومسح على حايل ما لا يمكنه غسله وإن أمكنه وضع العضو الذي عليه الجباير في الماء وضعه فيه ولا يمسح على الجباير ثم قال في بحث التيمم ومن كان في بعض جسده أو بعض أعضاء طهارته ما لا ضرر عليه والباقي عليه جراح أو عليه ضرر في إيصال الماء إليه جاز له التيمم ولا يجب عليه غسل الأعضاء الصحيحة وإن غسلها وتيمم كان أحوط سواء كان الأكثر صحيحا أو عليلا وإذا حصل على بعض أعضاء طهارته نجاسة ولم يقدر على غسلها لألم فيه أو قرح أو جراح تيمم وصلى ولا إعادة عليه انتهى وهذا الكلام يحتمل ضربين من التأويل أحدهما أن يخص الحكم بالأول بما يكون عليه خرقة مشددة والثاني بما لا يكون عليه خرقة وثانيهما التخيير بين الوضوء والتيمم كما يشعر به قوله جاز له التيمم ولا يخفى إن القول بالتخيير إنما يمكن في الجرح المجرد وما في حكمه من الكسر وأما ذو الجبيرة فالظاهر أن تعين الوضوء عليه إجماع منا وقال في النهاية في بحث الوضوء فإن كان على أعضاء طهارة الانسان جباير أو جرح أو ما أشبهها وكان عليه خرقة مشدودة فإن أمكنه نزعها وجب عليه نزعها وإن لم يمكنه مسح الخرقة وإن كان جراحا غسل ما حولها وليس عليه شئ ثم قال في بحث التيمم والمجروح وصاحب القروح والمكسور والمجدور إذا خافوا على نفوسهم استعمال الماء وجب عليهم التيمم عند حضور الصلاة وهذا الكلام يحتمل وجوها من التأويل اثنين منها ما تقدم والاخر أن يكون كلامه في التيمم مختصا بمن لا يتمكن من استعمال الماء أصلا وقال المحقق في المعتبر في بحث الوضوء إذا كانت الجباير على بعض الأعضاء غسل ما يمكن غسله و مسح ما لا يمكن ولو كان على الجميع جباير أو دواء يتضرر بإزالته جاز المسح على الجميع ولو استضر تيمم وقال في بحث التيمم لو كان به جرح ولا جبيرة غسل جسده وترك الجرح ولم يذكر التيمم للجرح فعلى ظاهر كلامه لا إشكال وقال العلامة في المنتهى في بحث الوضوء والجباير تنزع مع المكنة وإلا مسح عليها وأجزء عن الغسل وكذا العصايب التي يعصب بها الجروح والكسر وهو مذهب علمائنا أجمع وقال في بحث التيمم عند عد أسبابه السبب الرابع المرض والجرح وما أشبههما وقد ذهب علمائنا إلى أنه إذا خاف على نفسه من استعمال الماء فله التيمم وقال في موضع آخر لو أمكن الجريح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمم قال الشيخ في الخلاف ولا تغسل الأعضاء الصحيحة أصلا فإن غسلها ثم تيمم كان أحوط ثم نقل عن الشافعي وأحمد أنه يجب عليه غسل ما أمكن وتيمم للباقي ثم نقل استدلالا عن القائلين بالجمع بما رواه جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا شجة في وجهه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة وأنت قادر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي (صلى اله عليه وآله) أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله إلا يسئلوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ثم يغسل ساير جسده وأجاب (ره) عنه بأنه يجوز أن يكون ويعصب عطفا على أن يتيمم ونحن نقول بموجبه فإنه يجوز أن يعصب على الجراح خرقة ويغسل جسده ويمسح على تلك الخرقة وحاصله حصول الاكتفاء بالتيمم والتعصب والمسح وغسل ساير الجسد على معنى إن واحد منهما كاف ويحتمل أن يكون عطفا على لفظ تيمم ويكون الواو بمعنى أو ولا استبعاد في ذلك ثم قال بعيد ذلك لو كان الجرح مما يتمكن من شده وغسل باقي العضو ومسح الخرقة التي عليه بالماء وجب ولا يتيمم فإن لم يتمكن من ذلك تيمم وقال أيضا لو كان الجرح في غير الأعضاء وخاف من استعمال الماء في الأعضاء سقط الوضوء ووجب التيمم كالمريض وقال في التذكرة في بحث الوضوء إذا كان الجباير على جميع أعضاء الغسل وتعذر غسلها مسح على الجميع مستوعبا بالماء ومسح رأسه ورجليه ببقية البلل ولو تضرر بالمسح تيمم وقال أيضا الجبيرة إن استوعب محل الفرض مسح عليه أجمع وغسل باقي الأعضاء وإلا مسح على الجبيرة وغسل باقي العضو ولو تعذر المسح على الجبيرة تيمم ولا يجب غسل باقي الأعضاء وقال في بحث التيمم الطهارة عندنا لا يتبعض فلو كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا يتيمم وكفاه عن غسل الصحيحة ثم قال بعيد ذلك لو تمكن من المسح بالماء على الجرح أو على جبيرة وغسل الباقي وجب ولا يتيمم وقال أيضا لو كان بعض بدنه صحيحا وبعضها جريحا وأجنب تيمم وقال أيضا لو كان على قرحه دم يخاف من غسله تيمم للحدث وصلى وقال أيضا لو كان به جرح ولا جبيرة غسل جسده وترك الجرح وقال في النهاية بعد ما ذكر أحكام الجبيرة على النحو المشهور ولا ينتقل فرضه إلى التيمم لان اعتلال بعض الأعضاء لا يزيد على فقدانه ولو كان مقطوع طرف لم يسقط غسل الباقي وقال أيضا ولا يجب التيمم مع التمكن من المسح على الجبيرة سواء كان ما تحت الجبيرة يتمكن من غسله لو كان ظاهرا أو لا ولو لم يتمكن من استعمال الماء وجب التيمم بالتراب وقال أيضا فلو لم يحتج إلى القاء الجبيرة على موضع الكسر فإن لم يخف من غسله أو مسحه وجب وإن خاف من غسله وتمكن من مسحه وجب لأنه أحد الواجبين لتضمن الغسل إياه فلا يسقط بتعذر أصله ولو خاف من غسله ومسحه غسل الصحيح بقدر الامكان ويلطف إذا خاف سيلان الماء إليه بوضع خرقة مبلولة بقربه وتحامله عليها ليغسل بالتقاطر منها حوله من غير أن يسيل إليه وهل يسقط محل الكسر إشكال لرواية العدم فيضع عليه خرقة أو لوحا ثم يمسح عليه للضرورة ويحتمل السقوط فيه خاصة وسقوط فرض الوضوء لتعذره وينتقل إلى التيمم وقال أيضا وحكم العضو المجروح حكم المكسور
(١٥١)