أصل الاستدلال أيضا كما لا يخفى فتأمل وثالثها ما رواه الكافي في باب الاستبراء من البول في الحسن عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يغريه البول ولا يقدر على حبسه قال فقال لي إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر يجعل خريطة وجه الاستدلال إن المعذورية إنما يستلزم سقوط حكم الخارج مطلقا وإلا لم يكن معذورا ورد بأن المعذورية لا يستلزم إلا سقوط حكم ما لا يمكن التوقي عنه إلى الحرج والمشقة وأما الوضوء لكل صلاة فليس مما يعذر فيه واحتج العلامة على ما ذهب إليه في المنتهى بما رواه الفقيه في باب ما ينقض الوضوء في الصحيح عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان وإقامتين ويفعل ذلك في الصبح وهذه الرواية في التهذيب أيضا في الباب المذكور وجه الاستدلال إما على جواز الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد فلانه لو لم يكف الوضوء الواحد لهما كان للجمع بينهما وجه وأما على عدم الجواز في الزيادة فلان تخصيص الصلاتين بالذكر يدل عل نفي ما عداهما وفيهما نظر أما الأول فلمنع قوله لو لم يكف الوضوء الواحد لما كان للجمع وجه إذ يجوز أن يكون الجمع باعتبار تقليل النجاسة الحاصلة منه لا لأجل الحدث ولو سلم أنه ليس كذلك فعدم معلوميته لنا لا يستلزم عدمه في الواقع إذا العقل لا سبيل له إلى أحكامه تعالى وأما الثاني فلانه يجوز يكون التخصيص بناء على الغالب بالنسبة إلى الأداء هذا مأخذ الأقوال وقد علمت أن أكثرها لا يخلو عن خدشة ومتابعة الشهرة والاحتياط يقتضي العمل بوجوب الوضوء عند كل صلاة وإن كان إبطال مذهب المبسوط مشكلا بحسب الدليل نعم لا يبعد أن يقال أن مقطوعة سماعة المتقدمة آنفا مما يومئ إلى وجوب الوضوء على صاحب السلس لأجل البول في الجملة فينافي القول بعدم كونه حدثا بالنسبة إليه مطلقا وكذا ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الزيادات عن عبد الرحيم قال كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) في الخصي يبول فيلقى من ذلك شدة فيرى البلل بعد البلل قال يتوضأ وينتضح في النهار مرة واحدة وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الاستبراء وفي الفقيه أيضا في باب ما ينجس الثوب والجسد لكن لقصور سندهما وعدم ظهور دلالتهما لا يمكن التعويل عليهما ثم اعلم أنهم ذكروا أن صاحب السلس إذا كانت له فترة معتادة تسع الطهارة والصلاة وجب انتظارها لزوال الضرورة التي هي مناط التخفيف واحتمل بعضهم أيضا عدم وجوب الانتظار بل له أن يصلي أول الوقت لعموم أدلة الأوقات والصلاة وكون العذر موجبا للتأخير غير متيقن وللحرج والضيق والأولى انتظار الفترة وذكروا أيضا وجوب المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء ولا ريب أنه أيضا أولى هذا وأما المبطون فقد قال المصنف في الذكرى الظاهر أن المبطون يجدد أيضا لكل صلاة لمثل ما قلناه ولم أرهم صرحوا به إلا أن فتواهم بالوضوء للحدث الطاري في أثناء الصلاة يشعر انتهى وكأنه أراد بقوله (عليه السلام) لم أرهم المتقدمين أو الجماعة وإلا فالعلامة (ره) صرح في المنتهى يشعر بوجوب الوضوء عليه ولكل صلاة قال فيه وأما المبطون فإنه مجدد الوضوء لكل صلاة لا يجمع بين صلوتي فرض لان الغايط حدث فلا يستباح معه الصلاة إلا مع الضرورة وهي متحققة في الواحدة دون غيرها انتهى ولا يخفى إن ما ذكره جار في السلس أيضا لكن كأنه قال بجواز الجمع فيه لأجل الصحيحة المذكورة وهي مختصة بالسلس والمحقق أيضا في المعتبر صرح بما صرح به العلامة وكذا ابن إدريس في السرائر ثم اعلم إن ظاهر المتن إن مخالفة المبسوط في السلس والمبطون معا ولم نطلع على خلاف في المبطون (ولو فحيه في الصلاة توضأ المبطون وبنى في الأشهر) إعلم أن المبطون إما أن لا يكون فترات يمكن أن يتحفظ نفسه فيها بقدر الطهارة والصلاة أو يكون فإن كان فالظاهر انتظار الفترة على ما تقدم في السلس ولو لم يكن فأما أن يمكنه التلبس بالصلاة بعد الطهارة من دون تخلل حدث أو لا فإن لم يمكنه التلبس فظاهر المنتهى والمعتبر أنه لا يبالي حينئذ بوقوع الحدث في أثناء الصلاة وإن أمكنه التلبس فحينئذ لو تلبس متطهرا ثم فجائه الحدث في الأثناء فيحتمل أن يكون محل الخلاف الذي سنذكره إن شاء الله تعالى ويمكن أن يكون فجائه الحدث في أثناء الصلاة لمن له فترة مع توخيه زمان الفترة محلا للخلاف أيضا ولنتكلم في كل من المقامين أما الأول فإن كان بحيث يكون مفاجأة الحدث في أثناء صلاة واحدة متكررة بحيث تؤدي إعادة الوضوء في كل مرتبة إلى الحرج والعسر فلا يبعد أن يكون الحكم بعدم وجوب إعادة الوضوء والبناء بل استمرار في الصلاة إجماعا للزوم الحرج المنتفي في الدين وإن لم يكن كذلك ولم يصل إلى حد الحرج فحينئذ يحتمل أن يكون محل الخلاف فالمشهور كما ذكره المصنف إنه يتوضأ ويبني على صلاته ويفهم من المختلف ظاهرا أنه يستمر في صلاته قال في المختلف بعد نقل القول بالتطهر والبناء والوجه عندي أن عذره إن كان دائما لا ينقع فإنه يبني على صلاته من غير أن يجدد وضوءا كصاحب السلس وإن كان يتمكن من تحفظ نفسه بمقدار زمان الصلاة فإنه يتطهر ويستأنف الصلاة انتهى وقال المصنف في الذكرى بعد نقل مذهب المختلف وتشبيهه بالسلس ينفي ما أثبته من وجوب إعادة الصلاة للمتمكن إلا أن يرتكب مثله في السلس انتهى ولا يخفى فساده لأنه شبهه في عدم تجدد الموضوع بصاحب السلس وهذا لا يستلزم النفي المذكور بل يمكن أن يقال أن تشبيهه في الأول بالسلس دون الثاني يشعر بالفرق بينهما فكيف يكون كلامه دالا على خلافه مع أنه لا يأبى عن الارتكاب المذكور لأنه صرح في التذكرة به كما سيجئ حجة المشهور ما رواه الفقيه في باب صلاة المريض في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) إنه قال صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته وما رواه التهذيب أيضا في باب إحداث الزيادات في الموثق بابن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع
(١٥٤)