عدمهما مع وجود الشهوة إذ الظاهر حينئذ بالنظر إلى ما ذكر وجوب الغسل وأما وجودهما مع عدم الشهوة فالظاهر عدم الاعتداد به أيضا في وجوب الغسل إذ لا دليل عليه إلا أن يحصل به العلم أو الظن على تقدير العمل به بأن الخارج مني والشيخ في النهاية صرح بأن مع الدفق يجب الغسل وإن لم يكن عن شهوة وأما صحيحة معاوية فالذي يمكن أن يستفاد منها ظاهرا أن الظن بخروج المني كاف في وجوب الغسل لأن الظاهر بعد الاحتلام إن الخارج مني لكن كون البلل قليلا في الصحيح يعارض الظن المذكور فلا يجب الغسل بخلاف المريض لأنه لضعفه لا يعارضه قلة البلل فيجب الغسل وعلى هذا يمكن الاستدلال بها على وجوب الغسل بمجرد الشهوة وكذا الخواص الاخر لو لم يعارضه شئ آخر وأما دلالته على ما ذكروه من اعتبار الثلاثة في الصحيح والاكتفاء بالاثنين في المريض فلا ظهور لها إلا أن يكون تحقق الثلاثة في الصحيح موجبا للظن بأنه مني وبدونها لا يحصل الظن وفي المريض إنما كان يحصل بالاثنين ولا يحصل بدونهما ويعارض ما ذكرنا إن المستفاد من الرواية ظاهرا استصحاب الطهارة وإن اليقين إنما ينقضه يقين آخر و الجمع بينهما إما بتخصص الاستصحاب أو بحمل اليقين على ما يشمل الظن أو بحمل الصحيحة المذكورة على الاستحباب وأصالة البراءة ترجح الجمع الأخير وأما صحيحة ابن أبي يعفور فيستفاد منها ظاهرا أن الشهوة غير كافية في الصحيح بل لابد من الدفق والقوة وإنما تكفي في المريض وحينئذ يعارض الروايات المتقدمة الدالة على وجوب الغسل بالشهوة والظاهر كما يحكم به الوجدان أن يجمع بينهما بأن بناء الروايات على الغالب فإن قلت يمكن أن يكون هذه الرواية معارضته للروايات المذكورة إذ لا تصريح فيها بوجود الشهوة في الواقع إذ يمكن أن يكون المراد وجدانها في النوم قلت هذا لا يخلو عن بعد مع أنه يمكن أن يستنبط ما ذكر من التعليل الواقع في الرواية كما لا يخفى واعلم أن هذه الرواية لا ظهور لها في وجوب الغسل بمجرد الظن كما هو ظاهر الرواية المتقدمة وأما حسنة زرارة فهي مثل صحيحة ابن أبي يعفور وربما يستفاد منها وجوب الغسل بمجرد الظن أيضا كصحيحة معاوية بناء على لفظة ربما كان هو الدافق بل بالاحتمال أيضا إلا أن يكون ربما للتكثير كما ذكره بعض وأما رواية محمد بن مسلم فهي قريبة من صحيحة معاوية هذا ما يستفاد من الروايات والمعارضات وفذلكة ما يحصل منها ظاهرا وجوب الغسل مع تحقق الشهوة والدفق وعدم الوجوب بمجرد الشهوة بدون الدفق في الصحيح ووجوبه في المريض وأما الدفق بدون الشهوة وكذا الخاصية الأخرى من الرايحة بدون الشهوة فالظاهر عدم الوجوب به إلا أن يقال باستفادة الوجوب بمجرد الظن مطلقا من صحيحة معاوية ويفرض حصول الظن بالخواص الاخر بدون الشهوة فحينئذ يجب الغسل بدون الشهوة أيضا لكن لا يخلو إثباته من إشكال وأما الفتور فإن كان لازما للشهوة فالامر ظاهر وإن لم يكن لازما فحاله كالدفق وغيره والاحتياط أن لا يترك الغسل فيما يتحقق إحدى هذه الخواص وإن لم يكن غيرها وكذا الاحتياط في المريض أن لا يترك الغسل لو رأى في المنام أنه احتلم وإن لم يكن يرى بعد الانتباه شيئا ولو رأى بعد الانتباه بللا ولو كان قليلا ولم يكن فيه صفات المني أصلا فالاحتياط فيه آكد بل لم يبعد القول بالوجوب لصحيحة معاوية هذا كله إذا لم يعلم أنه مني وأما مع فرض العلم فيجب الغسل وإن لم يتحقق فيه إلا صفة واحدة بل لو لم يوجد صفة أصلا كما ذكرنا سابقا ثم إن المحقق الشيخ علي (ره) قال في شرح القواعد عند قول المصنف وصفاته الخاصة رايحة الطلع والتلذذ بخروجه والتدفق فإن اشتبه اعتبر بالدفق والشهوة وتكفي الشهوة في المريض فإن تجرد عنها لم يجب الغسل إلا مع العلم بأنه مني هذه الصفات إنما يعتبر حال اعتدال الطبع وهي متلازمة حينئذ ولو تجد عن بعضها فإنما يكون لعارض وحينئذ فوجود البعض وإن كان هو الرايحة وحدها كاف وقد نبه عليه في المريض فإن تجرد منيه عن الدفق لعارض وهو ضعف القوة غير قادح لتعلق الحكم به ثم قال ويلوح من عبارة المصنف أن المعتبر عند الاشتباه إنما هو الدفق والشهوة دون باقي الصفات وليس بجيد وذكر أن ضمير عنهما راجع إلى كل من خاصتي المريض والصحيح ثم قال ولا ينبغي حمل العبارة على غير ذلك لأنه يقتضي عدم وجوب الغسل مع وجود الرايحة وهو باطل بغير خلاف لما قدمناه من تلازم لصفات إلا لعارض فوجود بعضها كاف وأنت بعد الاطلاع على ما قدمناه لا تحتاج إلى التصريح بما فيه والشهد الثاني (ره) أيضا تبعه في ذلك في شرح الارشاد وذكر أن العلامة في النهاية صرح به والظاهر أنه ليس كذلك بل مراد النهاية أمر آخر ولا بأس أن نذكر عبارة النهاية حتى تعلم جلية الحال قال في النهاية بعد ما ذكر أن للمني خواصا ثلاثا الرايحة والدفق والتلذذ وإن مني الرجل غالبا ثخين أبيض ومني المرأة رقيق أصفر ولو استيقظ ولم ير إلا الثخانة والبياض لم يجب الغسل لاحتمال كونه وذيا فلا يجب بالشك ولو ظن أنه مني باعتبار أن الوذي لا يليق بطبعه أو تذكر وقاع تخيله احتمل استصحاب يقين الطهارة والبناء على الظن للاحتياط ولا يشترط اجتماع الخواص فلو خرج مني بغير دفق ولا شهوة لمرض أو حمل شئ ثقيل وجب الغسل ثم قال وكيف حصل الانزال وجب الغسل سواء كان بشهوة أو لا وسواء كان نائما أو لا ولو اشتبه الخارج اعتبره الصحيح باللذة والدفق وفتور الجسد لقول الكاظم (عليه السلام) وذكر حديث علي بن جعفر والمريض بالشهوة وفتور الجسد لضعف قوته عن التدفق انتهى ولا يخفى أن الظاهر مراده من قوله ولا يشترط اجتماع الخواص أن في حال العلم بكونه منيا لا يشترط ذلك كما يشير إليه قوله فلو خرج مني وكذا ذكر الاشتباه بعده وحوالة اعتباره بما ذكر فيوافق ظاهر المعتبر والمنتهى والقواعد والارشاد وبالجملة الظاهر مما يستفاد من الروايات ما ذكرنا وهو الظاهر من كلام جمع من الأصحاب كما عرفت فإن كان مرادهم في الواقع ما هو الظاهر فنعم الوفاق وإن لم يكن ذلك بل ما فهمه المحقق الثاني والشهيد الثاني فهم مطالبون بالدليل اللهم إلا أن يثبت إجماع عليه كما هو الظاهر من كلام المحقق الثاني هذا وبما ذكرنا ظهر ما في كلام المتن من التشويش والاجمال والله أعلم بحقيقة الحال وقد بقي في المقام شئ وهو أن المراد بالشهوة في هذا المقام
(١٥٩)