الاستشهاد بهما إن كان باعتبار أنه استنجى أيضا (عليه السلام) من هذا الماء فحينئذ إنما يتم لو ثبت أن ذلك الماء كان بقدر مد فقط وأنى لهما بذلك وإن كان باعتبار قوله (عليه السلام) اتيني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة مع أنه استنجى به أيضا فيدل على أن الاستنجاء أيضا داخل في الوضوء وكذا قوله وضأت أبا جعفر (عليه السلام) مع أنه ناوله الماء للاستنجاء أيضا كما هو الظاهر من كلام الذكرى ففيه أن طلب الماء للوضوء مع إرادة الاستنجاء لا يدل أصلا على دخوله في الوضوء لشيوع أن يكتفوا في ذكر الغرض بما هو الأصل والعمدة وقس عليه أيضا القول الآخر مع أنه ليس قول الإمام (عليه السلام) بل قول الراوي فلا يصلح للاحتجاج واعترض المحقق البهائي (ره) أيضا في الحبل المتين على هذا المتين على هذا الكلام من المصنف (ره) بقوله وظني إن كلامه هذا إنما يتمشى على القول بعدم استحباب الغسلة الثانية وعدم كون المضمضة والاستنشاق من إفعال الوضوء الكامل وأما على القول بذلك كما هو مختاره قدس سره فلا فإن المد على ما اعتبرناه لا يزيد على ربع المن التبريزي المتعارف في زماننا هذا بشئ يعتد به وهذا المقدار إنما يفي بأصل الوضوء المسبع ولا يفضل منه شئ للاستنجاء فإن ماء غسل اليدين كف أو كفان وماء كل مضمضة والاستنشاق والغسلات الواجبة والمندوبة ثلاث أكف هذه ثلاث عشرة أو أربع عشرة كفا وهذا إن اكتفى في غسل كل عضو بكف واحدة وإلا زادت على ذلك فأين ما يفضل للاستنجاء وأيضا ففي كلامه طاب ثراه بحث آخر وهو أنه إن أراد بماء الاستنجاء الذي حسبه من ماء الوضوء ماء الاستنجاء من البول وحده فهو شئ قليل حتى قدر بمثلي ما على الحشفة وهو لا يؤثر في الزيادة والنقصان أثرا محسوسا وإن أراد ماء الاستنجاء من الغايط أو منهما معا لم يتم استدلاله بالروايتين المذكورتين إذ ليس في شئ منهما دلالة على ذلك بل في رواية الحذاء ما يشعر بأن الاستنجاء كان من البول وحده فلا تغفل هذا كلامه رفع مقامه (ويكره الاستعانة) الظاهر أن مرادهم من الاستعانة ها هنا الاستعانة بصب الماء على اليد ليغسل المتوضي بنفسه لا الصب على نفس العضو لأنه من التولية المحرم ولا الاتيان بالماء ونحوه كما يشعر به عبارة المبسوط والمنتهى قال في المبسوط ويكره أن يستعين بغيره في صب الماء وفي المنتهى يكره الاستعانة في الوضوء بصب الماء واحتجوا على الكراهة برواية الوضاء المتقدمة في بحث وجوب المباشرة بنفسه مع الاختيار وفيه أنه يجوز أن يكون المراد منها الصب على نفس العضو بقرينة قوله (عليه السلام أوزر أنا إذ لا وزر في الاستعانة بهذا المعنى اتفاقا كما هو الظاهر وبما رواه الفقيه مرسلا في باب صفة وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام) قال وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء فقيل له يا أمير المؤمنين لم لا تدعهم يصبون عليك الماء فقال لا أحب أن أشرك في صلوتي أحدا وفيه أيضا ما تقدم من الاحتمال لكن لا يخفى أنه لا يلائمه قوله (عليه السلام) لا أحب لان ظاهره الكراهة والصب على نفس العضو حرام فينبغي حمله على المعنى المطلوب وبأن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضوء أمير المؤمنين (عليه السلام) اشتملا على ترك الاستعانة وبأن فيه زيادة مشقة في تحصيل أمر مطلق شرعا فيكون فيه زيادة ثواب مع الاستعانة بفقد ذلك القدر وفيهما ضعف ظاهر ولا يذهب عليك أنه لما كان دأبهم المسامحة في المندوبات والمكروهات فلا يبعد القول بكراهة الصب المشتهرة بين الأصحاب وورود الرواية ولن كانت مرسلة لانجبار إرسالها بقبول الأصحاب وأما رواية أبي عبيدة الحذاء المتقدمة في بحث تثنية الغسلات المتضمنة لصب الماء على يده (عليه السلام) فيمكن حملها على الضرورة أو بيان الجواز مع أنه روى هذه الرواية في موضع آخر من التهذيب في الباب المذكور وفيه موضع ثم صببت عليه ثم أخذ وحينئذ فلا إشكال وأما الاتيان بالماء ونحوه فالحكم بكراهته مشكل لما عرفت من أن الأصل في هذا الحكم الشهرة بين الأصحاب وتلقيهم الرواية بالقبول ولا دلالة للرواية على كراهة مثله والظاهر أن الشهرة أيضا فيه مفقودة مع أن رواية ابن كثير المتقدمة في بحث الدعاء عند التسمية دالة ظاهرا على عدم الكراهة (والتمندل في المشهور وقيل لا يكره) استدل على الكراهة بما رواه الكافي في باب النوادر قبل أبواب الحيض عن إبراهيم بن محمد بن حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من توضأ فتمندل كانت له حسنة وإن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوئه كانت له ثلاثون حسنة وهذه الرواية في الفقيه أيضا مرسلة في باب حد الوضوء وفيه مع القدح في السند أنه لا دلالة له على الكراهة بالمعنى المصطلح بل إنما يدل على قلة الثواب إلا أن يقال إن الكراهة في العبادات بهذا المعنى كما ذكره بعضهم وفيه نظر ليس ها هنا موضع ذكره وبرواية ابن كثير المتقدمة أيضا من قوله (عليه السلام) خلق الله له من كل قطرة إذ مع التمندل يزول التقاطر وبأن فيه إزالة أثر العبادة ولا يخفى ضعفه والذي يحتج به على عدم الكراهة مضافا إلى الأصل ما رواه التهذيب في باب زيادات صفة الوضوء في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التمسح بالمنديل قبل أن يجف قال لا بأس به وأورد عليه إن نفي البأس يتبادر منه نفي التحريم وبما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بمسح الرجل وجهه بالثوب إذا توضأ إذا كان الثوب نظيفا وفيه أيضا ما تقدم وبما رواه أيضا في الباب المتقدم عليه في الموثق عن إسماعيل بن الفضل قال رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) توضى للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ثم قال يا إسماعيل إفعل هكذا فإني هكذا أفعل ودفع أيضا بأنه يجوز أن يكون فعله (عليه السلام) وأمره لعارض وفيه بعد ويمكن أن يجمع بينه وبين رواية الكافي بأنها مختصة بالتمندل والمسح بالذيل لا يسمى تمندلا وبما رواه أيضا في باب ما يجوز للمحرم إتيانه في الصحيح عن منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) وقد توضأ وهو محرم ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه وأورد عليه أيضا بجواز أن يكون لعارض
(١٣٧)