النذر وحصل الشك بعد الفراغ في الاتيان بالغسلة الثانية فلو قلنا بعدم الالتفات إليه فلا حاجة إلى الاتيان بالغسلة الثانية في وضوء آخر وإلا فلا و أما في هذا الشق فلا كما لا يخفى وإن كان في أثناء الوضوء فأما أن لا نقول بحرمة الغسلة الثالثة أو نقول بها فعلى الأول إن لم يلزم من الاتيان بالغسلة المشكوكة خلل في المتابعة عند القايلين بوجوبها واستيناف مبطل على القول بعدم جوازه فلا إشكال حينئذ أيضا إذ يأتي بها وبما بعدها وإن لزوم أحدهما ففيه إشكال من حيث أنها هل هي مثل الافعال الأصلية حتى يؤتى بها عند الشك قبل الفراغ كما سيجئ أولا وهذا الاشكال جار في صورة العلم بعدم الاتيان بالغسلة الثانية أيضا في هذا الشق وعلى الثاني ففيه إشكال بناء على أن الاتيان بالغسل تعرض للثالثة المحرمة وإن الحرمة إنما هي بعد العلم أو الظن بها ثالثة وكان الظاهر الثاني إذ الأصل عدم الحرمة حتى تثبت وثبوتها في هذه الصورة ممنوع ثم على القول بعدم الحرمة يجري فيه ما يجري في سابقه من الاحتمالين وحكمهما وعلى القول بالحرمة فإنما يتم وضوئه بدون الاتيان بالغسلة المشكوكة وما بعدها ولا كفارة على ما هو الظاهر ولا الاتيان بالوضوء الاخر على النحو المنذور ولفوات وقته على ما هو المفروض وإن كان الشك فيه في الاثنين والثلاثة فإن كان بعد الوضوء فالظاهر صحته وعدم الالتفات إلى الشك لما سيأتي من الروايات المطلقة الشاملة لهذه الصورة فيما بعد إنشاء الله تعالى وإن كان في أثنائه فإن لم نقل بإبطال الغسلة الثالثة للوضوء سواء قلنا بتحريمها أو لا فلا شك في صحة ذلك الوضوء وعدم الاحتياج إلى الإعادة اللهم إلا أن يتطرق الشك باعتبار احتمال لزوم استيناف الماء الجديد وأمره سهل لما علمت من ظهور عدم الفساد في المسح بماء الغسلة الثالثة يقينا فكيف بمشكوكه وإن قلنا بإبطالها فحينئذ يراد الاشكال من حيث أن الوضوء المأمور به على هذا ما لا يكون غسلاته ثلاثة وفي هذه الصورة لا علم ولا ظن بالاتيان بهذا الوضوء فيبقى في عهدة التكليف ومن حيث إن الامر بالوضوء مطلق والتقييد على تقدير تسليمه إنما يسلم في صورة العلم أو الظن بحصول الغسلة الثالثة وأما بدونهما فلا وهو الظاهر إذ إثبات التقييد مطلقا مشكلا والأصل عدمه مع أن الروايات الآتية عن قريب الدالة على عدم الالتفات إلى الشك بعد الفراغ شاملة بعمومها لهذه الصورة أيضا وأما المقارن فيستنبط حاله ما ذكر في السابق فتدبر (ولو شك في فعل أو في النية وهو بحالة أتى به) الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الاتيان بالمشكوك وبما بعده عند عروض الشك حال الوضوء وعدم الحاجة إلى الاستيناف والمصنف كأنه لم يتعرض لما بعده للظهور ويدل على وجوب الاتيان به مضافا إلى الاجماع لزوم تحصيل العلم أو الظن بالاتيان بالمأمور به وبدونه لا يحصل وأما الاتيان بما بعده فيدل عليه منضما إلى الاجماع بعض ما تقدم في بحث الترتيب من أمرهم (عليهم السلام) باتباع الوضوء بعضه بعضا ويدل على عدم لزوم الاستيناف مضافا إلى الاجماع أيضا أصالة البراءة وعدم دليل مخرج وما يتوهم معارضا من لزوم الخلل بالمتابعة والاستيناف على تقدير عدم الاستيناف فقد مر ما فيه غير مرة ويدل أيضا على الأول والثالث ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه إنك لم تغسله أو تمسح مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها وشككت في بعض ما قد سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوء لا شئ عليك فيه فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك فإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك وامض في صلاتك وإن تيقنت إنك لم تتم وضوئك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الشك في الوضوء وأما ما رواه أيضا في الباب المذكور في الموثق عن عبد الله ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه فلا يصلح معارضا للرواية السابقة لعدم صحة مستنده واعتضادها بالاجماع والاستصحاب فليحمل على أن ضمير غيره راجع إلى الوضوء ليحصل الجمع بينهما فإن قلت ما تقول فيما رواه التهذيب في الزيادات في باب أحكام السهو في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ وما رواه أيضا في هذا الباب في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كلما شككت فيه مما مضى فامضه كما هو قلت هذان الخبران عامان والخبر المتقدم خاص فليحملا عليه مع أن الخبر الأول بعد بيان الشك في أفعال الصلاة فهو مما يشعر بكونه مخصوصا بأفعال الصلاة والأصل في هذا الباب إن الخبر المتقدم يؤيده عدم الجزم بالامتثال بدون الاتيان بالمشكوك وكذا الاجماع على الظاهر فلذا نحكم بتعيين التأويل فيما يعارضه ولو لم يكن كذلك لأمكن القول بحمله على الاستحباب وإبقاء ما يعارضه على العموم هذا وبما قدمنا ظهر ما في كلام الشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد حيث قال في هذا المقام بعد ما ذكر أن ضمير حاله في كلام المصنف يحتمل أن يكون راجعا إلى الوضوء وإلى المتوضي واحتمال عود الضمير في حاله إلى الشئ المشكوك فيه المذكور قبله صريحا لا دليل عليه من النقل وإن أمكن بحسب اللفظ انتهى وذلك لما عرفت من هذه الروايات الثلاثة إنما يقتضي بظاهرها هذا الاحتمال لكن يعدل عنه للاجماع اللهم إلا أن يمنع الظهور ويقال إن الدخول في الغير وكذا الجواز عن الشئ والخروج منه ومضيه إنما يتحقق إذا وقع التلبس بذلك الشئ في الجملة وعند الشك في فعل من أفعال الوضوء عند التلبس بفعل آخر منه لا يعلم تحقق هذه المعاني بالنسبة إلى الفعل المشكوك نعم إنما يتحقق هذه الأمور بالنسبة إلى الوضوء بعد الفراغ والدخول في غيره لأنه قد وقع التلبس به في الجملة يقينا فتدبر فإن قلت ما تقول فيما رواه التهذيب في زيادات صفة الوضوء عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
(١٣٩)