(عليه السلام) قال قلت جعلت فداك أغسل وجهي ثم أغسل يدي ويشككني الشيطان إني لم أغسل ذراعي ويدي قال إذا وجدت برد الماء على ذراعك فلا تعد حيث تدل بإطلاقه على عدم الالتفات إلى الشك وإن لم يحصل الفراغ أيضا قلت أما أولا فإنه مرسل لا يصلح للاعتماد وأما ثانيا فإنه لا ينافي ما ذكر إذ عند وجدان برد الماء على الذراع فلا أقل من أن يحصل الظن بغسله إن لم حصل اليقين فيخرج الشك وكلامنا فيه ولو سلم عدم الخروج عن الشك فليحمل على ما بعد الفراغ جمعا للاخبار ثم أن المصنف (ره) جعل النية أيضا في حكم الافعال في هذا المعنى واستدل عليه في الذكرى بأنها أيضا من الافعال والأصل عدم فعلها إذا كان الحال باقيا وفيه إشكال من حيث أن الرواية المتقدمة كما ترى مختصة بغير النية فما يمكن أن يستدل به حينئذ عل حكم النية أما الاجماع أو الاستصحاب وتحقق الاجماع في النية غير ظاهر والروايات المذكورة إنما يعارض الاستصحاب وتغلبه كما هو الظاهر فحينئذ الظاهر الحكم بعدم الإعادة للشك في النية اللهم إلا أن يثبت الاجماع أو يتمسك بما ذكرنا آنفا في دفع الايراد عن الشهيد الثاني واعلم إن المصنف قال في الذكرى لو كثر شكه فالأقرب إلحاقه بحكم الشك الكثير في الصلاة دفعا للعسر والحرج وكذا حكم ابن إدريس أيضا وليس ببعيد وقد أيده صاحب المدارك بما رواه التهذيب في الصحيح عن زرارة وأبي بصير أنه قال في كثير الشك يمضي في شكه ثم قال لا تعود والخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطيعوه فإن الشيطان خبيث معتاد لما عود به فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك فإن ذلك بمنزلة التعليل لوجوب المعنى فيتعدى إلى غير المسؤول عنه كما قرر في محله (ولو جف البلل استأنف) هذا الحكم لا دخل له بالشك إذا الجفاف في أثناء الوضوء موجب للاستيناف مطلقا على زعم المصنف كما تقدم فإعادته ها هنا مما لا وجه له إلا أن يكون للتأكيد ويمكن أن يقال أنه سيظهر فيما بعد أن مختاره طاهرا أن المراد بحاله ليس حال الاشتغال بالوضوء يشمله وما بعده أيضا ما لم يقم أو يمكث طويلا وحينئذ يظهر وجه ما ذكره إذ لو فرض عروض الشك بعد الوضوء وقبل القيام فحينئذ لا يدخل فيما سبق ويحتاج إلى الإشارة إلى أن الجفاف حينئذ أيضا مثل الجفاف في الأثناء إذ الاتيان بالمشكوك وما بعده من تتمة الوضوء ولم يخص الحكم بهذه الصورة بل عممه لأنه أفيد وأحضر ثم اعلم إن الظاهر من الرواية المذكورة الإعادة على العضو المشكوك مطلقا بدون تقييده بعدم الجفاف فالتخصيص به أما لروايتي معاوية بن عمار وأبي بصير المتقدمتين في بحث الموالاة فيرد عليه إنهما لا يشملان ما نحن فيه إذ هما مختصان بصورة خاصة فإن تمسك بعموم التعليل بأن الوضوء لا يبعض ففيه أنك قد عرفت أنه لا ظهور له في مجرد التفريق ولا مجرد الجفاف بل يمكن أن يكون المراد منه قطع الوضوء مع الجفاف وتحققه فيما نحن فيه ممنوع خصوصا في بعض صوره مما لم يقع فصل كثير بين الاتيان على العضو السابق والإعادة على المشكوك مع أنه عام أيضا مثل هذه الرواية فتخصيص الرواية به دون العكس ترجيح بلا مرجح بل ينبغي أن يكون الامر بالعكس لصحتها دونه فإن قيل أنه معتضد بحصول البراءة اليقينية من التكليف اليقيني قلنا قد عرفت ما فيه غير مرة مع أن التكليف اليقيني ها هنا ليس إلا بالغسل والمسح مطلقا وهو يصدق مع الجفاف أيضا فالبرائة اليقينية أيضا حاصلة إذ الامتثال يستلزم الاجزاء والتقييد لا بد له من دليل وليس وأما لبعض الروايات المتقدمة في بحث استيناف الماء الجديد المتضمن للإعادة مع جفاف الأعضاء ففيه أيضا أنه مخصوص بالنسيان ولا يشمل ما نحن فيه مع أنه مختص بالمسح فلا وجه لاجرائه في الغسل أيضا كيف ويجوز أن يكون الإعادة مع جفاف الأعضاء عند نسيان المسح لأجل لزوم الاستيناف في المسح لا لأجل جفاف الأعضاء المتقدمة وأما للزوم الاستيناف ففيه مع اختصاصه بالشك في العضو الممسوح كما هو الظاهر ما عرفت مرارا من عدم تسليم بطلان الاستيناف مطلقا بل في بعض الصور اللهم إلا أن يدعى الاجماع في الحكم لكن إثباته مشكل (ولو انتقل عن محله ولو تقديرا لم يلتفت) هذا الحكم إجماع منا ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة وموثقة عبد الله بن أبي يعفور المتقدمتان آنفا وكذا الروايتان المنقولتان عن كتاب صلاة التهذيب وما رواه أيضا في باب صفة الوضوء عن بكير بن أعين قال قلت له الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك ويدل أيضا على خصوص بعض صوره ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال يمضي على صلاته ولا يعيد واستدل أيضا بأنه لو شرع في التلافي للشك بعد الفراغ لأدى إلى الحرج المنتف لعسر الانفكاك من ذلك الشك وغير عسر ضبط الانسان الأمور السالفة فإن قلت هذا الاطلاق ينافي الصحيحة المتقدمة من زرارة لأنها يحكم بوجوب المسح عند الشك بعد الفراغ لو وجدت بلة في الأعضاء قلت كأنه محمول على الاستحباب للاجماع على خلافه مع اعتضاده بالعمومات مما عرفت والمراد من الانتقال عن المحل قيامه عن الوضوء وقوله ولو تقديرا يعني به أنه لو طال القعود بعد الوضوء في محله فإنما هو في حكم القيام وهو بظاهره يشعر بأن الفراغ من الوضوء غير كاف ومستنده ما في صحيحة زرارة المتقدمة من قوله (عليه السلام) فإذا قمت من الوضوء وأنت خبير بأن هذه العبارة مجملة لا ظهور لها في المراد إذ يجوز أن يكون المراد بالقيام الفراغ ويكون التعبير به عنه بناء على الأغلب ويؤيده قوله (عليه السلام) بعده وفرغت منه لكن لما كان الحكم حكما على خلاف الأصل فينبغي أن يقتصر على القدر المتيقن إلا أن يقال بأن الامر حينئذ يؤل إلى الشك في التكليف ويصير من قبيل الاتيان بالافراد المشكوكة وقد عرفت إن إثبات وجوبه مشكل ويمكن أن يستدل على أن المناط هو الفراغ برواية بكير بن أعين المنقولة آنفا لكن فيه إن إثبات حكم مخالف للأصل برواية غير ظاهرة الصحة بل مضمرة لا يخلو من إشكال فإن قلت ما تقول في رواية عبد الله ابن أبي يعفور المتقدمة والروايتين المنقولتين عن كتاب صلاة التهذيب قلت أما رواية عبد الله فلا يخلو من إجمال لجواز أن يكون المراد من الدخول في غيره الدخول في فعل آخر مثل الصلاة ونحوها إلا أن يكون مجرد الفراغ منه دخولا في غيره وأنت
(١٤٠)