الثالث فلا يخلو أما أن نقول برفع المجدد أما مطلقا كما هو ظاهر المبسوط أو مع القصد إلى الصلاة كما هو رأى المعتبر أولا فإن قلنا بالرفع فالحكم في الصور الأربعة مثل ما تقدم في الاحتمال الثاني بعينه أما مطلقا على رأي المبسوط أو حال القصد إلى الصلاة على رأي المعتبر وإن لم نقل به فالظاهر في الصورة الأولى صحة أحديهما لو كان الثاني للذهول عن الأول وعدم صحتهما لو كان للتجديد بنذر وشبهه لاحتمال أن يكون الخلل في الأولى فلا تصح والثانية أيضا غير صحيحة لعدم قصد الرفع أو الاستباحة وكذا الصورة الثانية سواء كانتا وقت خلو الذمة عن المشروط بالطهارة أو لا نعم إنما يتفاوت ذلك باعتبار قصد الوجه كما تقدم وقس عليهما الثالثة والرابعة أيضا هذا ما يلفق من كلام الأصحاب بما ذكرنا ظهر ما في كلام المصنف من الخلل لان مذهبه في هذا الحكم الكتاب اشتراط قصد الوجه وأحد الامرين كما تقدم فحينئذ أما أن نقول برفع المجدد كما هو الظاهر من كلامه في مفتح الكتاب باعتبار إن شرعيته لتدارك ما فات فيجب أن يقول بإجزاء الواجب والنفل أيضا كما يقول بإجزاء الواجبين والنفلين لان هذا الوجه كما يدل على سقوط اعتبار قصد أحد الامرين في المجدد يدل على سقوط اعتبار قصد الوجه أيضا لا يقال أنا لا نقول بسقوط اعتبار قصد أحد الامرين في المجدد بل نقول لأنه لا بد في المجدد من قصد أحد الامرين على تقدير أن لا يقع بالأول كما صرح به المصنف في الذكرى بخلاف قصد الوجه إذ لم نقل باعتبار قصد وجه سابقه في المجدد وحينئذ يظهر الفرق بين الواجبين والنفلين وبين الواجب والنفل باعتبار وجوب قصد الوجه لأنا نقول ما ذكر من الوجه في رفع المجدد إنما يدل على استدراكه الخلل الواقع في الأول البتة سواء اعتبر الوجه أو لا وسواء اعتبر قصد أحد الامرين أو لا ولا يجدي القول باعتبار ذلك القصد فيه دون الأول كما لا يخفى وأما أن لا يقول برفع المجدد كما يفهم من كلامه ثانيا في بقاء اللمعة فيجب أن لا يقول بإجزاء الواجبين والنفلين على الاطلاق كما لا يقول بإجزاء الواجب والنفل اللهم إلا أن يخص كلامه بما عدا التجديد وأنت خبير بأنه حينئذ أيضا لا يصح حكمه في الموضعين على الاطلاق كما يعلم وجهه مما سبق من التفصيل هذا ثم أن الاشكال الذي أشرنا إليه سابقا هو أن الوضوء الأول سواء كان مندوبا كما في الاحتمال الثاني أو واجبا كما في الثالث لما أمكن أن يكون الخلل فيه فلا جزم برفعه للحدث فعند اشتغال الذمة بعده بمشروط بالطهارة يحتمل أن لا يكون الذمة بريئة من الطهارة الواجبة فيكون الطهارة الثانية المندوبة به حينئذ باطلة فإذن قد بطلت الطهارتان فلا قطع بصحة أحديهما وقد يدفع الاشكال بأن تكليف الغافل مستحيل فلا يكون قبل العلم بوقوع الخلل مكلفا بالطهارة وجوبا بل على الوجه الذي ظنه فيكون مجزيا لان الامر يقتضي الاجزاء وفيه أنه كما لا يكون مكلفا بالايقاع على وجه الوجوب فلا دليل على كونه مكلفا على وجه الندب أيضا لان الأوامر الواردة بالتجديد إنما يدل على استحبابه حال كونه متطهرا سابقا لا مظنون التطهر إذ الظاهر أن الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية لا المظنونة وهو على تقدير الخلل في الأول منتف فلا يكون حينئذ مستحبا وعلى هذا فلما لم يعلم تحقق شرط التكليف لم يعلم تحققه أيضا فلم يحصل لنا القطع بأن الوضوء الثاني كان صحيحا لان صحته إنما هو على تقدير كونه امتثالا لأمر وتحقق الامر غير معلوم نعم لو توضأ ثانيا لأمر دل أمر عام على استحباب الوضوء له فحينئذ لا يبعد القول بالاجزاء لان العموم دل على استحبابه في جميع الأوقات خرج ما إذا علم تحقق وضوء سابق قبله أو اشتغال ذمته بوضوء واجب بالجماع فبقي ما عداهما وما نحن فيه من قبيل ما عداهما ولا يخفى أنه يرد الاشكال في الصورة الرابعة أيضا لان تجديد الوضوء وجوبا بالنذر لا يخلو أما أن يكون قبل دخول الوقت أو بعده فإن كان الأول فنقول وجوب التجديد إنما هو بعد صحة الوضوء الأول فإذا كان الخلل واقعا فيه لا يكون التجديد بعده واجبا وهو ظاهر ولما لم نعلم وجوب التجديد فلم نعلم إجزاء الوضوء الثاني لان إجزائه إنما يكون على تقدير كونه امتثالا لأمر واجبي وتحققه غير معلوم وإن كان الثاني فنقول أيضا إن إجزاء الثاني غير معلوم لان إجزائه أما باعتبار كونه امتثالا للنذر وقد عرفت حاله وأما باعتبار كونه امتثالا للامر بالوضوء الثابت بأصل الشرع وهو أيضا باطل لان التكليف بالوضوء إنما يكون عند العلم بالخلل إذ بدونه تكليف للغافل والعلم منتف لا يقال الأخير مدفوع لان العلم بالتكليف حينئذ حاصل البتة لأنه لا يخلو أما أن يكون الوضوء الأولى صحيحا أو لا فإن كان صحيحا فيتحقق شرط النذر فيجب الوفاء به وإن كان فاسدا فيجب الوضوء الثابت بأصل الشرع للصلاة لعدم ارتفاع الحدث فالتكليف متحقق على أي وجه البتة فأن كونه الوضوء الثابت بأصل الشرع للصلاة لعدم ارتفاع الحديث بالتكليف متحقق على أي وجه البتة فالوضوء الثاني يكون مجزيا قطعا لأنه أما امتثال لهذا أو ذاك لأنا نقول لا نسلم أنه لو كان فاسدا يجب الوضوء الأصلي لان الفساد لا يكفي في الوجوب بل لا بد من العلم به لما عرفت وكذا يرد الاشكال في الصورة الأولى أيضا لان الوضوئين الواجبين إن كانا في الوقت وكان الثاني للذهول عن الأول فحينئذ يمكن بطلانهما معا أما الأول فلاحتمال كون الخلل فيه وأما الثاني فلعدم كونه امتثالا لأمر إذ تكليف الغافل مستحيل فإن قلت التكليف إنما يكون مستحيلا إذا كان جازما بالاتيان بالوضوء صحيحا وأما إذا ارتفع ذلك الجزم عنه بالنسيان كما فيما نحن فيه فلا إذ هو حينئذ معتقد بأنه مكلف وقادر على الاتيان فلا فساد في تكليفه قلت هذا مجرد احتمال لا يكفي في الاستدلال إذ لا دليل على وقوع هذا التكليف إذ الظاهر أنه ليس مقتضي التكليف الأول فلا بد لوقوعه من دليل آخر وليس ولا يخفى أن حقيقة الحال إنما يظهر بتحقيق إن القايل بإجزاء إحدى الطهارتين ها هنا هل هو مستدل أو مانع فإن كان مستدلا فلا ينفعه هذا الكلام أصلا وإن كان مانعا فحاله كما سنذكر إنشاء الله تعالى فنقول أما على طريقة الأصحاب من القول بتحقق معنى مانع للصلاة هو الحدث وعدم أباحتها بدون رفعه وحجية الاستصحاب فالظاهر أن القايل بالاجزاء مستدل لان الحدث السابق متيقن فيستصحب حكمه إلى أن يعلم زواله فلا بد من إثبات أن أحدا من الوضوئين رافع للحدث البتة حتى يحكم بارتفاع الحدث السابق وما لم يثبت ذلك يكون حكم الحدث
(١٤٦)