مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٢٤
فالفرقتان الأوليان يمكن أن يقولا بلزوم الماء الجديد في المسح كما يقولون بلزومه في مسح الرأس وعلى هذا فالحمل على التقية موجه لموافقته لمذهب فريقين منها قال المحقق البهائي (ره) في توجيه هذا الخبر في الحبل المتين والذي ما زال يختلج بخاطري إن إيمائه (عليه السلام) إنما نهاه عن المسح ببقية البلل فقال أبماء جديد فسمعه الحاضرون فقال (عليه السلام) برأسه نعم ومثل ذلك يقع في المحاورات كثيرا انتهى كلامه وفيه نظر لان ما ذكره من التوجيه مع بعده لا يكاد ينفع فيما هو محل الاشكال إذ ظاهرا أن لا إشكال في الجزء الأول من الخبر لامكان حمله على ظاهره من باب التقية لموافقته لمذاهب العامة جميعا كما هو الظاهر أو أكثرها إنما الاشكال في الجزء الأخير وهذا التوجيه لا ينفع في تصحيحه أصلا وأما الثاني فقد اختلف فيه فذهب ابن الجنيد وابن إدريس والمحقق إلى جواز المسح على الرجلين مع كونهما رطبتين سواء كانت رطوبتهما أنقص من رطوبة اليد أو لا قال ابن إدريس من كان قائما في الماء توضأ ثم أخرج رجليه من الماء ومسح عليهما من غير أن يدخل يده في الماء فلا حرج عليه وقال ابن جنيد من تطهر إلا رجليه فدهمه أمر احتاج معه إلى أن يخوض بهما نهرا مسح يديه عليهما وهو في النهر إن تطاول خوضه وخاف جفاف ما وضاه من أعضائه وإن لم يخف كان مسحه بعد خروجه أحب إلى وأحوط وقال المحقق في المعتبر لو كان في ماء وغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ورجليه جاز وعبارة المحقق يحتمل وجهين تجويزه المسح في الماء كما ذهب إليه ابن الجنيد والمسح بعد خروجه كما هو رأي ابن إدريس وبالجملة يظهر من كلام الثلاثة تجويز المسح مع الرطوبة أعم من أن يكون غالبة على بلة اليد أو مغلوبة ونقل العلامة (ره) عن والده في المنتهى والمختلف القول بالمنع ومال إليه في المختلف حجة الجواز صدق الامتثال وتناول إطلاق الآية والاخبار وإن اليد لم ينفك عن ماء الوضوء فلم يضره ما كان على القدمين من الماء وقال المصنف في الذكرى وكان ابن الجنيد قال به بناء على مذهبه من جواز الاستيناف وفيه نظر لان قوله بجواز الاستيناف انما هو حال جفاف اليد لا مطلقا كما تقدم واحتج العلامة في المختلف على المنع بأن المسح يجب بنداوة الوضوء ويحرم التجديد ومع رطوبة الرجلين يحصل المسح بماء جديد والظاهر القول الأول لما علمت سابقا من عدم دليل تام على عدم جواز الاستيناف سوى التمسك بالشهرة أو الاجماع وهما منتفيان ها هنا فينبغي القول بالجواز لصدق الامتثال ثم إن الظاهر من كلام المصنف (ره) في هذا الكتاب اشتراط غلبة رطوبة اليد على رطوبة الرجل وقال في الذكرى بعد نقل كلام المجوزين والعلامة نعم لو غلب ماء المسح رطوبة الرجلين ارتفع الاشكال وبالجملة ما ذكروه قوي وما ذكره أحوط انتهى وهذا يدل على تجويزه المسح على الرطوبة سواء كانت رطوبة اليد غالبة ولا نعلم في صورة الغلبة يكون التجويز عنده أظهر ويرتفع في نظره الاشكال والظاهر التجويز مطلقا بدونه اشتراط الغلبة لما عرفت واعترض المحقق الثاني على قوله بارتفاع الاشكال عند غلبة الرطوبة بأن التعليل المذكور إنما يقتضي بقاء الاشكال حينئذ أيضا وكان نظر المصنف إلى أن في صورة الغلبة لا يصدق عليه المسح بالماء الجديد عرفا وإن صدق عليه لغة هذا والاحتياط ان راعى الجفاف مهما أمكن (ولا يجزي النكس على الأولى) المشهور بين الأصحاب جواز النكس وهو مختار الشيخ وابن أبي عقيل وسلار وابن البراج والمحقق والعلامة في جملة من كتبه وذهب ابن إدريس إلى عدم جوازه وهو الظاهر من كلام ابن بابويه والمرتضى رحمهم الله أيضا والظاهر المشهور لصحيحة حماد المتقدمة في جواز النكس في مسح الرأس ولما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء عن يونس قال أخبرني من رأى أبا الحسن (عليه السلام) بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب مسح الرأس والقدمين وزاد فيه بعد ما ذكرنا ويقول الامر في مسح الرجلين موسع من شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبرا فإنه من الامر الموسع إنشاء الله تعالى ويرد عليه أنه يمكن أن يكون المراد بالمسح من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم مسح القدم ظاهرا وباطنا تقية كما ورد في مرفوعة أبي بصير ورواية سماعة المتقدمتين لا أن يكون المراد المسح تارة مقبلا وتارة مدبرا كما هو المدعى مع أن الرواية ضعيفة بالارسال ويندفع الايراد بالزيادة التي نقلنا من الكافي كما لا يخفى نعم ما ذكره من الارسال متجه لكن لا يدفع تأييدها للرواية السابقة إنما يدفع كونها حجة مستقلة ويؤيد جواز النكس رواية سماعة المتقدمة المتضمنة لمسح القدم ظاهرا وباطنا حجة المانعين قوله تعالى إلى الكعبين وفيه إن الغاية يجوز أن يكون للمسوح لا المسح والروايات المتضمنة لفعلهم (عليه السلام) كذلك وفيها أيضا ما مر غير مرة والامر الاحتياط واضح (ولا تقديم اليسرى على اليمنى ولا مسحهما معا احتياطا) قال العلامة في المختلف المشهور بين علمائنا سقوط وجوب ترتيب المسح بين الرجلين بل يجوز مسحهما دفعة واحدة بالكفين ومسح اليمين قبل اليسار وبالعكس وقال سلار يجب مسح اليمنى قبل اليسرى قال وفي أصحابنا من لا يرى الرجل ترتيبا وقال ابن أبي عقيل عقيب ذكر ترتيب الأعضاء وكذا إن بدء فمسح رجله اليسرى قبل اليمنى رجع فبدأ باليمنى ثم أعاد على اليسرى وقال ابن الجنيد لو بدء بيساره على يمينه في اليد أو في الرجل رجع على يساره بعد يمينه ولا يجزيه إلا ذلك قال ابن بابويه يبدأ بالرجل اليمنى قبل اليسرى وكذا قال ولده أبو جعفر انتهى وقال المصنف في الذكرى وفي كلام بعضهم تجويز مسحهما معا لا تقديم اليسرى انتهى والظاهر من المذاهب ما هو المشهور لاطلاق الأوامر وصدق الامتثال واحتج على وجوب الترتيب بالوضوء البياني وقد عرفت ما فيه وبما رواه الكافي في باب مسح الرأس في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال وذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابتدأ بالشق الأيمن وفيه بعد المناقشة في السند إن الامر لا ظهور له في الوجوب كما مر مرارا سيما مع شهرة خلافه بين الأصحاب نعم الاستحباب مسلم بهذه الرواية والقول بالتفصيل الذي في الذكرى لم نقف له على مستنده
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336