الواردة بيانا إنما وقع المسح ببلة اليد وهذا الحديث أيضا يدل على ذلك فكما يستدل بها على عدم جواز الاستيناف يمكن أن يستدل بها أيضا على عدم جواز الاخذ من اللحية إلا ما أخرجه الدليل وهو الاخذ حال جفاف اليد فالفرق تحكم وما ذكره من إطلاق الرواية إنما يعارضه مرسلة الفقيه المنقولة آنفا فيحمل على جفاف اليد كما هو الظاهر لان النسيان إنما يكون مظنة الجفاف خصوصا مع ما ذكرنا سابقا إن الظاهر أنه بعد الدخول في الصلاة نعم يمكن أن يقال بجواز الاخذ حال عدم الجفاف أيضا لما عرفت من الدلائل التي يستدل بها على عدم جواز الاستيناف ليست بتامة وإنما التعويل على الشهرة العظيمة أو الاجماع ولا يخفى أنهما منتفيان فيما نحن فيه فلا دليل على منعه والامر بالمسح مطلق فيبقى على إطلاقه ثم أنه هل يجب مراعاة الترتيب في الاخذ من الحية والحاجب والأشفار أولا الظاهر بالنظر إلى كلام القوم عدمه لكن ظاهر مرسلة الفقيه ومرسلة خلف المتقدمتين الترتيب إلا أنه لما لم تقويا من حيث السند والأصل جواز الاخذ من أي موضع كان والظاهر أن الأصحاب لم يعملوا بهما في حكم الترتيب مع إمكان أن يكون الامر بهذا الترتيب من باب المتعارف فلا يبعد القول بعدم وجوب الترتيب ومقتضى الاحتياط أن لا يكتفي بالوضوء الذي أخذ فيه من اللحية في غير صورة النسيان بل يجدد وضوء آخر وكذا يراعى جفاف اليد في صورة النسيان وغيره وكذا الترتيب بأن يأخذ أولا من اللحية لو كان ثم من الحاجب أو الأشفار ولا ترتيب فيهما والظاهر جواز الاخذ من مسترسل اللحية لاطلاق الروايات مع ما علمت من الأصل وما يتوهم من أنه ليس فضلة الوضوء ليس بشئ إذ لا دليل على كون المسح بفضلة الوضوء بل لو كان فإنما يكون في بلة اليد فلما لم يبق معمولا به فيها للروايات فلا وجه لاعتبار فضلة الوضوء مع أن عدم كونه فضلة الوضوء أيضا ممنوع لان غسل المسترسل أيضا من سننه وقد سبق ولا فرق أيضا في جواز الاخذ من فضلة الغسلة الأولى أو الثانية لما عرفت وأما فضلة الثالثة لو لم يجوزها أحد فقد استشكل في الاخذ منها بناء عل أنها بدعة فلا يعد من ماء الوضوء وقربه المصنف في الذكرى ومن حيث عدم انفكاكها عن ماء الوضوء ونصره المحقق في المعتبر والظاهر الثاني بالنظر إلى ما ذكرنا وكذا الظاهر جواز الاخذ من غير المواضع المذكورة ولا يخفى وجهه وأما الرابع وهو الذي يفهم من كلام بعض الأصحاب إن نزاع ابن الجنيد فيه فلا يخفى أنه يحتمل وجهين لأنه أما أن يكون الجفاف مع التفريق بين إفعال الوضوء سواء كان لضرورة أم لا أو بدون التفريق فإن كان الأول فالظاهر بطلان الوضوء ووجوب الإعادة للروايات الواردة به والاجماع أيضا على احتمال أن يكون تجويز ابن الجنيد الجفاف مع الضرورة تجويز جفاف البعض كما أشرنا إليه سابقا لكن لا نعلم أن بطلانه لأجل الجفاف أو للاستيناف وإن كان الثاني فالظاهر أن ابن الجنيد قائل بالبطلان حينئذ إذ ما نقل عنه من تجويز الجفاف إنما هو عند الضرورة كما صرح به المصنف في الذكرى إلا أن يعتبر الضرورة حال عدم الاشتغال لكن يحتمل أن يكون الصدوق (ره) وأبوه أيضا قائلين بالصحة وهو الظاهر بحسب الدليل أيضا فإن تحقق قول من الأصحاب به فالظاهر الحكم بالصحة وإن لم يتحقق بل كان مختار الصدوق وأبيه من تجويز الجفاف حين الاشتغال بأفعال الوضوء مختصا بحال الغسل لا المسح أيضا ويكون الحكم ببطلان عند الجفاف حال المسح مجمعا عليه فإنما يتبع الاجماع وإن لم يظهر له دليل سواه وسيجئ تفصيل القول فيه إنشاء الله تعالى في بحث الموالاة وأما الخامس فقد ذكره المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والشهيد الثاني في شرح الارشاد وقال العلامة في التذكرة لو جف ماء الوضوء للحر أو الهواء المفرطين استأنف الوضوء ولو تعذر أبقى جزء من يده اليسرى ثم أخذ كفا غسله به وعجل المسح على الرأس والرجلين ولم يذكر استيناف الماء الجديد عند عدم إمكان ذلك المعنى وقال المصنف في الذكرى أيضا مثل ما في التذكرة واستدل المحقق في المعتبر على جواز الاستيناف برفع الحرج ولا يخفى إنا لو اعترفنا بأن الروايات المتضمنة لبيان الوضوء إنما تدل على أن الوضوء المفروض هو الذي كان مسحه ببلة اليد كما هو الظاهر من كلام القوم يلزم علينا أن لا نجوز الاستيناف في هذه الصورة لان المأمور به إذا كان هذا الوضوء الخاص والآتيان بغيره من عند أنفسنا بلا دليل شرعي على أنه بدل منه لا معنى له ويكون تشريعا وما ذكر من الحرج ليس بشئ إذ لا حرج ها هنا بل يسقط الوضوء وينتقل الفرض إلى التيمم نعم لو أنه سلم دلالة الروايات على ذلك كما ذكرنا ولم نمنع جواز الاستيناف أو منعناه أيضا لكن للشهرة أو الاجماع فحينئذ الظاهر الحكم بجواز استيناف الماء الجديد لاطلاق الامر بالمسح مع عدم شهره أو اجتماع على التقييد في هذه الصورة والاحتياط أن يستأنف الماء الجديد ويمسح ثم يضم إليه التيمم أيضا والأحوط أيضا لو كان رجاء أن يكسر سورة الحر مثلا إلى آخر الوقت أن يؤخر الوضوء إليه ليمكن المسح بنداوة الوضوء والله أعلم (ولا يجزي الغسل عنه) لا خفاء في عدم إجزاء الغسل المجرد عن المسح باليد عنه لعدم صدق الامتثال وكذا الغسل المقارن لامرار اليد فيما فرض أنه لم يصدق عليه المسح في العرف لكثرة جريان الماء مثلا وأما الغسل المقارن للمسح الذي يصدق المسح عليه في العرف لكونه غسلا خفيفا فالظاهر حينئذ الاجزاء لصدق الامتثال و عدم ما يدل على خلافه وأما ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء عن محمد بن مروان قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) أنه يأتي على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة قلت وكيف ذلك قال لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه فالظاهر أنه تعريض بالعامة في غسلهم الرجلين مجردا عن المسح مع أنه ضعيف السند وما نقل في التذكرة من الاجماع على عدم إجزاء الغسل فالظاهر أنه في غير هذه الصورة كما يشعر به دليله من اشتماله على الاستيناف كما لا يخفى وما يتوهم من أنه لما وقع المسح في مقابلة الغسل فيجب أن يكون حقيقة مخالفة لحقيقة الغسل وإلا لا معنى المتقابل ففيه أنه لو أريد بالمخالفة التباين الكلي فلا نسلم استلزام التقابل هذا المعنى وإن أريد بها أعم منه فممنوع ولكنها متحققة فيها لان بينهما عموما من وجه إذ يصدق الغسل على الصب المجرد عن الامرار بدون المسح وبالعكس في المسح الخالي عن الجريان ويصدقان في الاجراء بالامرار ولا خفاء في كفاية هذا المعنى في صحته التقابل ولا يخفى أن الظاهر من طريقتهم عليهم السلام أيضا ذلك لاكتفاء بالامر بالمسح ببلة اليد من غير إشعار برعاية عدم حصول الجريان مع أن الغالب أن لا ينفك اليد بعد
(١١٧)