مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٢٣
التناقض لو لم يرتكب التأويل في الأول قلت التأويل الثاني أبعد من الأول ولا أقل من مساواتهما فلم يبق للرواية ظهور في المدعى سلمنا ظهورها فيه فلتحمل على التجوز والتأويل جمعا بينها وبين ما ذكرنا من المعارضات مع كثرتها واعتضادها بالأصل وعند هذا ظهر حال ما قاله المحقق المذكور من أن هذه الرواية الصحيحة الخالية عن المعارض مساعدة للعلامة ولا يخفى ضعف ما قاله أيضا من أن قوله (عليه السلام) في هذا الخبر ها هنا بالإشارة إلى مكان الكعب دون الإشارة إليه يعطي أنه العظم المخفي لا الناتي ظهر القدم فتدبر فخلاصة القول على ما قررنا إن الظاهر أن الكعب هو العظم الناتي في وسط القدم وإن ما ذكره العلامة (ره) وتبعه المصنف (ره) في الرسالة والمقداد في الكنز مما لا وجه له ظاهرا نعم الاحتياط في الاخذ بقولهم للخروج عن عهدة الخلاف ويحتمل أن يكون المصنف (ره) أيضا حكم في الرسالة بهذا المعنى رعاية للاحتياط كما يشعر به كلامه في البيان لا أنه رجحه وقواه كيف وقد شنع كثيرا في الذكرى على هذا القول والله أعلم بحقايق أحكامه وأما الثالث وهو تحديد المسح فقد ذكرنا سابقا أن الاجماع منعقد على أن المسح بالظاهر دون الباطن ثم الظاهر من كلام المحقق في المعتبر أن استيعاب الظاهر أيضا عرضا مما لا يجب إجماعا بل يكفي المسح ولو بإصبع واحدة قال فيه ولا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسح من رؤس الأصابع إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة وهو إجماع فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) وكذا قال العلامة في التذكرة لكن قال بعد ذلك بأسطر ويستحب أن يكون بثلاث أصابع مضمومة قال بعض علمائنا يجب وهو بظاهره مناف لسابقه إلا أن يقال أن الاجماع الذي ادعاه إنما هو على مجرد عدم وجوب الاستيعاب لا على كفاية إصبع واحدة أيضا فها هنا مقامان وجوب الاستيعاب وعدمه ووجوب مقدار ثلاث أصابع مضمومة وعدمه أما الأول فقد عرفت دعوى الاجماع على العدم ويدل عليه أيضا صحيحتا زرارة وبكير المنقولتان في بحث مسح الرأس بمسماه عن التهذيب وحسنتهما المنقولة عن الكافي فأما صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر المتقدمة آنفا الدالة على الاستيعاب فمحمولة على الاستحباب جمعا فان قلت لم لا تقيد الروايات المطلقة بهذه الرواية قلت أما أولا فلعدم ظهورها في الوجوب وأما ثانيا فلدعوى الاجماع على خلافها وأما ثالثا فلكثرة الروايات واعتضادها بالأصل وقس عليه أيضا ما رواه التهذيب في زيادات صفة الوضوء في الحسن عن عبد الأعلى مولى سام قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) عثرت فانقطع ظفري فجعلت على أصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء فقال يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل قال الله ما جعل عليكم في الدين من حرج أمسح عليه وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الجباير ويمكن أن يحمل أيضا على ظفر اليد أو جميع الأظفار لكنه بعيد وأما الثاني فالظاهر فيه أيضا عدم الوجوب للروايات المتقدمة ولظاهر الاجماع المنقول عن المعتبر واحتج على الوجوب بالصحيحة المذكورة وفيه ضعف لعدم دلالتها على مرادهم بل لا بد من حملها على مرادهم من ارتكاب تخصيص فيها وهو ليس بأولى من حملها على الندب مجازا على تقدير تسليم ظهورها في الوجوب وبرواية معمر بن عمر المتقدمة في البحث المذكور أيضا والجواب بعد القدح في السند بحملها على الاستحباب للجمع وبما ذكرنا يمكن استنباط الحال في وجوب المسح بالإصبع وإجزاء ما دونها فتدبر والاحتياط في المسح بجميع الكف للصحيحة والحسنة المتقدمتين هذا كله بالنظر إلى استيعاب العرضي أما الاستيعاب الطولي فقد تردد فيه المحقق في المعتبر ثم رجح وجوب الاستيعاب بقوله تعالى إلى الكعبين فلابد من الاتيان بالغاية وكذا قال العلامة في التذكرة ولا يخفى إن هذا الاستدلال إنما يتم لو كانت العامة للمسح وأما إذا كانت للممسوح فلا فحينئذ الظاهر بالنظر إلى الروايات المتقدمة جواز المسح بأي جزء كان من ظاهر الرجل سواء ابتدى من الأصابع أو لا وسواء انتهى إلى الكعب أو لا لكن لم نقف على قول من الأصحاب به فالأولى متابعة ما اشتهر بينهم خصوصا مع اعتضاده بالحسنة المنقولة آنفا وإشعار ما أيضا في الآية به ثم الكلام في دخول الكعبين في المسح وعدمه كالكلام في المرفقين فقس عليه واستدل المعتبر على عدم وجوب الدخول بصحيحة زرارة وبكير المتقدمة المتضمنة لعدم وجوب إدخال اليد تحت الشراك ولك بما ذكرنا سابقا في المرفق غنية عن تفصيل القول ها هنا ولا يخفى أنه على تقدير كون الكعب العظم الناشز بتمامه واعترف بدخوله في المسح يرتفع الخلاف بين العلامة (ره) والجمهور (بالبلة الغالبة على رطوبتهما إن كانت) أي إن كانت رطوبة ها هنا حكمان أحدهما وجوب المسح بالبلة وثانيهما ببلة غالبة على رطوبة الرجلين أما الأولى فقد مر في بحث مسح الرأس بالبلة وعدم جواز الاستيناف ما يمكن أن يستنبط منه حال مسح الرجلين وقد بقي رواية متعلقة بالرجلين لم نوردها هناك فلنورد ها هنا وهي ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن معمر بن خلاد قال سئلت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) أيجزي الرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت أبماء جديد فقال برأسه نعم وهذا مما لا كلام في عدم العمل بظاهره لمخالفته للاخبار الكثيرة المتظافرة التي كادت أن تبلغ مبلغ التواتر لكن الكلام في أنه على ما يحمل و بأي شئ يأول لأنه لصحته لا ينبغي طرحه بالكلية فالشيخ (ره) في التهذيب حمله على التقية وأورد عليه إن العامة لم يقولوا بمسحهما لا ببقية البلل ولا بماء جديد فكيف يحمل على التقية وأجيب بأنهم يجوزون إطلاق المسح على الغسل فيمكن تنزيل الكلام على ما يوافق زعمهم ورد بأن ما تضمنه الحديث مع المسح بفضل الرأس يأبى هذا التنزيل وأنت خبير بأن الاباء غير ظاهر إذ لا بعد في أن يقال سئل أولا عن المسح ببقية البلل فلما لم يجوزه سال عن المسح بالماء الجديد كناية عن الغسل فأجازه تقية بل يمكن أن لا يقدر المسح في الكلام بل يقال تقدير ما يغسل بماء جديد وقيل تنزيله على مسح الخفيف أولى وفيه بعد والأولى أن يقال في توجيه الحمل على التقية إن العامة كما عرفت مختلفون فبعضهم يقولون بالتخيير بين الغسل والمسح وبعضهم بوجوبها معا وبعضهم بوجوب الغسل وحده
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336