امناء القاضي وحضه على محاسبتهم فقال القاضي أبو عبيد كان إسماعيل بن إسحاق لا يحاسبهم فقال أبو جعفر قد كان القاضي بكار يحاسبهم فقال القاضي أبو عبيد كان إسماعيل (بياض في الأصل) وقال أبو جعفر قد حاسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمناءه وذكر له قصة ابن الأتبية فلما بلغ ذلك الامناء لم يزالوا حتى أوقعوا بين أبي عبيد وأبي جعفر تغير كل منهما للآخر وكان ذلك قرب صرف أبي عبيد عن القضاء قال فلما صرف أبو عبيد عن القضاء أرسل الذي ولي بعده إلى أبي جعفر بكتاب عزله قال فحدثني علي بن أبي جعفر قال فجئت إلى أبي فهنأته فقال لي أبي ويحك أهذه تهنئة هذه والله تعزية من أذاكر بعده أو من أجالس وقال في اللسان قال ابن زولاق وحدثني عبيد الله بن عبد الكريم قال كان أبو عبيد في غاية المعرفة بالأحكام وكان أبو جعفر الطحاوي وجيه النقد في الشروط والسجلات والشهادات فجلس بين يدي أبي عبيد يوما ليؤدي شهادة فأداها فلما فرغ قال له القاضي عرفني فأعادها فقال عرفني فقال أبو جعفر يأذن لي القاضي في القيام إلى موضع فقال قم فقام أبو جعفر يجر ردائه قد سقط بعضه ومال فأقام في ناحية ثم عاد يحبو على ركبتيه وقال نعم أعزك الله اشهد بكذا وكذا فاخذ منه أبو عبيد الكتاب وعلم على شهادته قال ابن زولاق كان أبو زكريا يحيى بن محمد بن عمروس عاقلا وهو الذي أدب أبا جعفر وعلمه القرآن وكان يقال ليس في الجامع سارية الا وقد ختم أبو زكريا عندها القرآن قال ولما تولى عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معمر الجوهري القضاء بمصر كان يركب بعد أبي جعفر وينزل بعده فقيل له في ذلك فقال هذا واجب لأنه عالمنا وقدوتنا وهو أسن مني بإحدى عشرة سنة ولو كانت إحدى عشرة ساعة لكان القضاء أقل من أن افتخر به على أبي جعفر ولما ولي محمد أبو عبد الله بن زبر قضاء مصر وحضر عنده أبو جعفر الطحاوي فشهد عنده أكرمه غاية الاكرام وسأله عن حديث ذكر انه كتبه عن رجل عنه من ثلاثين سنة فأملاه عليه قال وحدثني الحسين بن عبد الله القرشي قال وكان أبو عثمان أحمد بن إبراهيم بن حماد في ولايته القضاء بمصر يلازم أبا جعفر الطحاوي يسمع عليه الحديث فدخل رجل من أهل أسوار فسال أبا جعفر عن مسألة فقال أبو جعفر من مذهب القاضي أيده الله كذا وكذا فقال له ما جئت إلى القاضي إنما جئت إليك فقال له يا هذا من مذهب القاضي ما قلت لك فأعاد القول فقال أبو عثمان تفتيه أعزك الله فقال إذا اذن الله افتيته فقال قد أذنت قال فكان ذلك يعد في فضل أبي جعفر وأدبه قال ومات أبو جعفر فكان ولاية أبي عثمان هذا انتهى في تهذيب تاريخ ابن عساكر لابن بدران قال القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب حضرت عند الطحاوي فاتته امرأة برقعة وزعمت أنها مسألة بعثت بها إليه فإذا مكتوب فيها رحم الله من دعا الغريب وجمع بين عاشق وحبيب قال فطواها ثم ردها إليها وقال لها ليس هذا المكان الذي بعثت إليه يا امرأة غلطت انتهى.
الفائدة الرابعة عشرة في مؤلفات الامام الطحاوي رحمه الله تعالى تصانيف الامام أبي جعفر الطحاوي في غاية الحسن والجمع والتحقيق وكثرة الفوائد قبلها العلماء المحققون والفقهاء المدققون وكانت عناية المتقدمين بكتبه أكثر من المتأخرين فلهذا لم تطبع من كتبه الا قلائل فمن مصنفات الامام الطحاوي كتاب معاني الآثار وهو أول تصانيفه كما قال القاري وسيأتي ما يتعلق بذلك في الفائدة التالية ومنها مشكل الآثار في نفي التضاد عن الأحاديث واستخراج الاحكام منها وهو آخر تصانيفه كما قال القاري في الأثمار الجنية - قال الكوثري في الحاوي وهو من محفوظات مكتبة فيض الله شيخ الاسلام في إسطنبول تحت أرقام (273 - 279) في سبعة مجلدات ضخام وهي نسخة صحيحة مقروءة من رواية أبي القاسم هشام ابن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن الطحاوي قابلها وصححها ابن السابق المترجم له في الضوء اللامع والقسم