ولو كان بن مسعود إنما خالفه برأيه لما كان رأيه أولى من رأى سعد ولما عاب ذلك على سعد إذا كان ما أخذ ذلك منه هو الرأي ولكن الذي علمه بن مسعود رضي الله عنه مما خالف فعل سعد في ذلك هو غير الرأي وان احتج في ذلك بما حدثنا فهد قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يزيد بن أبي مريم عن أبي عبيد الله قال رأيت أبا الدرداء وفضالة بن عبيد ومعاذ بن جبل رضي الله عنه يدخلون المسجد والناس في صلاة الغداة فيتنحون إلى بعض السواري فيوتر كل واحد منهم بركعة ثم يدخلون مع الناس في الصلاة قيل له قد يجوز أن يكون ذلك كان منهم بعد ما كانوا صلوا في بيوتهم أشفاعا كثيرة فكان ذلك الذي صلوا في بيوتهم هو الشفع وما صلوا في المسجد هو الوتر فيعود ذلك أيضا إلى الوتر ثلاث وقد حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي الزناد عن أبيه قال أثبت عمر بن عبد العزيز الوتر بالمدينة بقول الفقهاء ثلاثا لا يسلم الا في آخرهن حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي قال ثنا خالد بن نزار الأيلي قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبى بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم أهل فقه وصلاح وفضل وربما اختلفوا في الشئ فأخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا فكان مما وعيت عنهم على هذه الصفة أن الوتر ثلاث لا يسلم الا في آخرهن فهذا من ذكرنا من فقهاء المدينة وعلمائهم قد أجمعوا أن الوتر ثلاث لا يسلم الا في آخرهن وتابعهم على ذلك عمر بن عبد العزيز ولم ينكر ذلك منكر سواهم وقد علم سعيد بن المسيب ما كان من وتر سعد فأفتى بغيره ورآه أولى منه وقد أفتى عروة بن الزبير بذلك أيضا وقد روى عنه الزهري وابنه هشام في الوتر ما قد تقدمت روايتنا له في هذا الباب فهذا عندنا مما لا ينبغي خلافه لما قد شهد له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فعل أصحابه وأقوال أكثرهم من بعده ثم اتفق عليه تابعوهم باب القراءة في ركعتي الفجر قال أبو جعفر قال قوم لا يقرأ في ركعتي الفجر وقال آخرون يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب خاصة واحتج الفريقان في ذلك بما قد حدثني يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر أن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الاذان لصلاة الصبح أو النداء بالصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة
(٢٩٦)